Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم محمد باداود

نكران المعروف

A A
نحن لا نعيش في هذه الحياة بمفردنا، بل هناك آخرون يشاركوننا المواقف سواء على مستوى الأسرة أو العمل أو الحياة العامة، فهناك علاقات الزواج وعلاقات القرابة والمصاهرة وعلاقات العمل وعلاقات الصداقة، وبعض تلك العلاقات بين الأفراد تتخللها أوقات ومواقف متعددة منها الجميل ومنها المؤلم، فالحياة مع الآخرين لا تخلو من منغصات كما لا تخلو من فرح وسعادة خصوصاً وأنه في حال الاختلاف والاندفاع أو تغير بعض الظروف من حولنا في بعض تلك العلاقات فإننا نجد بعض القلوب قد تتغير وقد يظهر ما لم يكن في الحسبان من كبر وتعالٍ أو حسد أو فجور في الخصومة.

علينا أن نعوِّد أنفسنا أثناء ارتباطنا بمثل تلك العلاقات أن نحافظ دائما على تذكر لحظات الود والفضل والمعروف التي كانت موجودة وأن نعمد إلى إبقاء تلك اللحظات الجليلة في الذاكرة لأقصى مدى ممكن، فهي كفيلة بأن تحافظ على الحقوق وأن تصفي ما قد يعكر القلوب من اختلاف وتبقيها نقية، فعلى الإنسان أن يحرص أن لا ينسى الفضل في المعاملة سواء في التعامل مع الزوجة والأبناء أو الإخوة والأخوات أو الموظفين والعمال والخدم، فالإنسان يجب أن يحفظ لأهل الفضل فضلهم وأهل المعروف معروفهم فلاينكر لصاحب معروف معروفه ولا لمحسن إحسانه ولا لمن بذل من وقته وجهده وما له ذلك البذل فهكذا يكون الرقي في التعامل بين الناس.

بعض الناس ممن قد يكونون من الذين كانوا في بدايات الطريق في فقر وسوء حال ثم أنعم الله عليهم أو قد يكونون من الموظفين الذين كانوا في بداية مشوارهم الوظيفي من المغمورين ثم فتح الله عليهم بوظيفة في منصب من المناصب العليا فتجدهم ينكرون الآخرين الذين عاشوا معهم وقد يكونون ساعدوهم ومدوا لهم يد العون في يوم ما فينكرونهم وينكرون ماضيهم ويتجاهلونهم ولايشكرون لهم معروفهم وصنيعهم وكأنهم شخصيات أخرى نسوا تماماً تلك الفترة الصعبة التي عاشوها ونسوا من كان معهم من أقارب وأصدقاء بل إن بعضهم ما إن يفتح الله عليه من النواحي المادية قليلاً إلا ويبادر بنسيان زوجته الأولى ويعمد إلى البحث عن زوجة جديدة.

لم يعلمنا ديننا أن ننسى الفضل بيننا بل أمرنا به وحثنا عليه وأكد لنا ضرورة أن نتذكر لأهل الفضل فضلهم وأهل المعروف معروفهم وأن نحفظ لأهل الوفاء وفاءهم فنبادلهم الوفاء بوفاء أكبر والكرم بكرم أوفر، فهكذا تكون الأخلاق وهكذا يكون الرجال الذين لا يتغيرون ولايتبدلون مهما تبدلت الظروف المادية أو المعنوية من حولهم والسبب في ذلك لأن معدنهم أصلي ونقي ولأنهم تربوا تربية صالحة أساسها أن لاينكروا معروفاً صنع لهم وأن لا ينسوا الفضل فيما بينهم وبين من عاشوا معهم في يوم من الأيام.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store