Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

ملالي إيران بحاجة لرادع أقوى

وفي كل الأحوال فإنه من المستبعد أن تنجح العقوبات الاقتصادية لوحدها في ردع ملالي إيران عن تصدير التخريب وتمويله ما لم يرافقها تهديد حقيقي بأنهم إن لم يرتدعوا سيواجهون ما هو أكثر من ذلك. وقد يتطلب الأمر عمليات عسكرية محدودة تقدم الرسائل المطلوبة إذ إن ما فعلته إدارة أوباما قد أفسد على إيران فرصة إصلاح وضع ملاليها الحاكمين، وأعطاهم أملاً في الاستمرار بمنهجهم في الحكم بدون عقوبات تستهدفهم.

A A
من الصعب جداً على نظام الملالي بإيران العيش حسب القواعد الدولية، كما نصحهم بذلك وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، يوم 27 يوليو، عندما انتقد دولتهم قائلاً: «عليهم أن يبدأوا العيش حسب القواعد الدولية، وجميعنا نعلم ما الذي عملوه لإبقاء الأسد في السلطة، ونعلم أنهم قدموا الصواريخ وغير ذلك من الدعم للحوثيين في اليمن.. وما الذي يعملونه لزعزعة الاستقرار في البحرين، وما يعملونه في لبنان. كل ذلك معروف. إنهم يصدِّرون عدم الاستقرار في المنطقة».

إذ إن مبرر سيطرتهم على الحكم في إيران قائم على أساس (تصدير الثورة) حسب مفهومهم أي الهيمنة عبر استخدام المرتزقة والجماعات المسلحة. ونص دستور دولتهم أنها دولة عنصرية لأصحاب المذهب الشيعي. وهم لا يختلفون في ذلك عن دولة الصهيونية بإسرائيل التي ينص التعديل الأخير لدستورها وقوانينها أنها دولة عنصرية لليهود. ومنذ أن استولى الملالي على الحكم في طهران وهم يسيئون فهم الدور الذي شجعتهم المخابرات الغربية على القيام به، خلال إقامة الخميني في خيمته الواسعة بضواحي باريس حتى عودته ورفاق له الى طهران كحاكم لها. وأدى سوء الفهم الى صراع دموي فيما بين الملالي أنفسهم، إذ هرب أول رئيس جمهورية لهم، أبوالحسن بني صدر بعد أقل من عامين من وصول الخميني لطهران، وسقطت أول حكومة لهم برئاسة مهدي بازركان، والتي ضمت خمسة مواطنين أميركيين من أصول إيرانية، عندما استولى الطلبة على السفارة الأميركية بطهران.

إدارة باراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق، جددت أمل نظام الملالي في طهران في أن أميركا لازالت ترعاهم عبر أجهزتها السرية. ووقعت معهم اتفاقاً أدى لتدفق مليارات الدولارات عليهم، بدون أن يلزموا أنفسهم بوقف نهائي، وإنما مؤقت، لنشاطهم في صنع قنبلة نووية، بدون التوقف عن إنتاج الأسلحة الباليستية، ولا الامتناع عن التدخل في شئون الدول الأخرى وتصدير عدم الاستقرار الى باقي منطقة الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي جعل وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، يصف أوباما بأنه ذلك «الرجل المهذب الودود» وترحَّم على أيامه .

إدارة دونالد ترمب، الرئيس الأميركي، تقوم بتشديد الحصار والمقاطعة على إيران لدفعها لقبول التوقيع على اتفاق يؤدي لرفع يد طهران عن تخريب الدول العربية، وهو أمر يصعب تنفيذه الآن بعد أن قامت إدارة أوباما بفك الحصار السابق عبر اتفاقها الهزيل مع إيران. ومن المتوقع أن لا تلتزم به بكين وموسكو وبروكسل. وسارع عشرة من كبار أعضاء الكونجرس بكتابة رسالة الى سفراء ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في 27 يوليو، يطالبون دولهم الالتزام بالعقوبات الاقتصادية التي تقررها أميركا على إيران حيث أن الكونجرس سيسعى لتفعيلها.

نظام الملالي في إيران قائم على أساس تخريبي، ولا شرعية له، بل جعل من التخريب الذي سماه (تصدير الثورة) شعاراً له. ولأن هدم الكيان العربي على رأس أهله كان هدفاً رئيسياً له فإنه تبني شعار (القدس)، وتحرير فلسطين، للتمويه على الجماهير العربية والتلاعب بمشاعرها. وعند قيام هذا النظام كان الاتحاد السوفيتي قائماً وكان جزءًا من برنامجه التخريب على السوفيت باستخدام الإسلام كسلاح ضدهم في الجمهوريات الإسلامية المجاورة لإيران. إلا أن التغيير الكبير الذي حدث بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والتواجد المباشر لأميركا والدول الغربية الأخرى في أفغانستان والعراق قلص دور الملالي المطلوب تجاه الاتحاد السوفيتي فكان أن كثفوا من تخريبهم للدول العربية.

وفي كل الأحوال فإنه من المستبعد أن تنجح العقوبات الاقتصادية لوحدها في ردع ملالي إيران عن تصدير التخريب وتمويله ما لم يرافقها تهديد حقيقي بأنهم إن لم يرتدعوا سيواجهون ما هو أكثر من ذلك. وقد يتطلب الأمر عمليات عسكرية محدودة تقدم الرسائل المطلوبة إذ إن ما فعلته إدارة أوباما قد أفسد على إيران فرصة إصلاح وضع ملاليها الحاكمين، وأعطاهم أملاً في الاستمرار بمنهجهم في الحكم بدون عقوبات تستهدفهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store