Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

شاي وقهوة!!

A A
لا أحتاج للاستدلال بإحصائيات، لأنّ كلّ من لديه عينان حتّى لو لم تكن درجة إبصارهما ٦ على ٦، يستطيع أن يرى أنّ لدينا أعلى عدد من أكشاك الشاي والقهوة في العالم، ويرتادها ويتزاحم حولها ويقف في السِرَا لأجلها الملايين سنوياً، وهي تنتشر في شوارع المدن، وبجوار محطّات البنزين، وعلى الطرق السريعة، وتجاور بعضها ولا تفصل بينها سوى أمتار معدودة!.

والسؤال الذي أطرحه هنا، وربّما لم يطرحه أحد قبلي، هو: هل لهذه الأكشاك إضافة قيِّمة لمجتمعنا واقتصادنا، نستطيع أن نفتخر بها دون العالمين، ونَعُدُّها رافداً من روافد الازدهار للوطن!.

اجتماعياً، لقد أزاحت الأكشاك ورقة التوت عن كسل عائلاتنا في إعداد وشُرْب الشاي والقهوة في المنازل، وليس الأمر محصوراً على الرجال الذين بلغوا أشدّهم بل كذلك على النساء اللاتي أصبحت بعضهنّ تبلغ سِنّ الزواج وهي لا تُجِيد تسخين الماء أو الحليب وسكبهما على الشاي والقهوة، وتُجِيد الوقوف بجوار نوافذ الأكشاك لتشتري مشروبها مباشرةً إن كانت تسوق، أو بواسطة سائقها إن لم تكن من السائقات!.

وأمّا اقتصادياً فحدِّث ولا حرج، إذ لا يستفيد من الأكشاك سوى الأفراد والمُؤسّسات الذين يملكونها، سواء كانوا مُتستِّرين على عامليها الأجانب أم نظاميين، بتسويق ضخم للمُنتجات المُستوردة من الشاي والقهوة، وبهذه المناسبة ما الذي استجدّ في خُطّة زراعة الشاي والبُن داخل المملكة، التي سمعنا عنها قبل فترة ليست بقصيرة؟ بهدف تقليل استيرادهما؟ وإثراء هذا النوع من الزراعة في ربوع الوطن؟ وتصديرهما لصالحه، وتنويع مصادر الدخل، أخشى أنّ المسئولين عنها واقفون الآن بجوار أحد الأكشاك ليشتروا ممّا يستورده الأفراد والمُؤسّسات من بلاد برّة!.

وبهذه المناسبة أيضاً أنعى إليكم نسبة توطين الوظائف في هذه الأكشاك إذ تكاد تكون صِفْراً، وبذلك يكون دخل الأكشاك مُوزّعاً بنسبة أكبر على أصحابها الذين يعيش بعضهم في الخارج سائحين وصارفين منه هناك وليس هنا، وبنسبة أصغر على عُمّال الأكشاك الذين يُحوّلونه لبلادهم فور صرف رواتبهم، فلا يستفيد الوطن من تدويل دخل الأكشاك وغيرها ممّا يشبهها من وسائل التجارة إلّا رفع نسبة الكافيين وعملها كمصنع مُنبّهات يعمل ٢٤ ساعة في اليوم!.

هنا، أعود للسؤال الذي طرحتُه أعلاه عن الإضافة القيِّمة لهذه الأكشاك لمجتمعنا واقتصادنا، وأجُيب عليه بـ «لا» كبيرة بالعربية و»Big No» بالإنجليزية!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store