الإنسان بطبعه يحب الدنيا من أعماق قلبه ويود أن يحظى منها بأحسن ما فيها.. وهو دأب كل المخلوقات البشرية في الغالب. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب).. فالإنسان جُلب على الطمع والاستزادة والتنعم بنعيم الدنيا.. ما استطاع.
****
هذا الجانب من الحياة البشرية يغفل عنه كثير من الوعاظ حين ينشد أهدافاً معاكسة للطبيعة البشرية ولقيم العرف الاجتماعي. لذا يقع الفرد بين حجري الرحى: لا يستطيع أن يترك الدنيا ولا يستطيع أن يترك الجنة التي وعُد بها المتقون.
****
وأعجبني أخيراً تغريدة للكاتب الأستاذ علي شاوش، يقول فيها:
«تصالحت مع نفسي ولملمت أجزاءها الممزقة كطير إبراهيم، فهدأت حيرتي، وبقي ضجيج هواجسي محتدماً بين رأسي وأنفاسي وصمتي!.
ولا شيء.. غير أنا،، والطيف،، وصمتي،،وإيماني العظيم» !
****
«التصالح مع النفس + الإيمان بالله تعالى» يقضي على ظاهرة «ازدواج الشخصية»، التي يعاني منها كثير من الوعاظ الذين ينصحون الناس بشىء ويفعلون هم عكسه. ولا يتحرجون في تبرير ذلك بفلسفة فريدة تقول: «خذوا قولي واتركوا فعلي»، متناسين قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ *كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ - [الصف: 2/3]
****
وأخيراً... إن المخلصين في الوعظ والنصح هم الذين يضعون النصيحة موضعَها، دون رياء أو تصنع، ويكونون هم القدوة في القول.. والفعل.
#نَافِذَةٌ:
كَالعِيسِ فِي الْبَيْدَاءِ يَقْتُلُهَا الظَّمَا ** وَالْمَاءُ فَوقَ ظُهُورِهَا مَحْمُولُ
طَرَفَة بن العَبد