Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

بلّل شهادتك واشرب (مويتها)!

A A
* في الوقت الذي مازال فيه هوس الشهادات (الحقيقية والمزيفة وما بين البينين)، في أوج قوّته وازدهاره في بلاد العرب، تقول الأخبار القادمة من الغرب (المبتدع) أن معظم الشركات العالمية الكبرى قد ألغت شرط الشهادة الجامعية في وظائفها! فبحسب موقع «جلاس دور» المهتم بالأعمال والتوظيف، فإن شركات ناجحة مثل (غوغل، آبل، هيلتون، أي بي إم، بنك أوف أمريكا) قد أدركت أن الشهادة الجامعية والتحصيل الأكاديمي لا يعني بالضرورة أن يكون حاملها ملائماً للوظيفة المطلوبة، لذا ارتأت اختيار موظفيها بناء على معايير تنفيذية عملية، مثل (المهارة) و(الإنتاجية) و(الفاعلية) والخبرة في العمل وليس الدرجة العلمية.. ويتم اعتماد الراتب وكل المميزات المالية بناء على هذه المعايير لا على الشهادة.

* ‏هذا التوجه حتى وإن كان متوقعاً ومنتظراً منذ زمن في بيئات عملية تهتم بالإنتاجية والعطاء وتقدّر الخبرة والمهارة والاجتهاد الشخصي، إلا أنه لا يمكن تفهمه للأسف بنفس السهولة في المنطقة العربية، التي مازالت (تحسب الشحم في من شحمه ورمُ)؛ وتنظر للمسميات بنظرة تقديس.. فلقب (دكتور) مثلاً حتى وإن كان مكتوباً على كرتون لا يساوي قيمة الحبر الذي كُتب به، إلا أنه مازال يعني في نظر الكثيرين أن صاحبه (سوبرمان)!! يفهم ويفتي في كل شيء، بدءاً من صناعة (الطرشي والمخلل)، وانتهاءً بتقنيات الصواريخ والاستزراع في الفضاء!.

* تقول الإحصاءات: إن منطقة الشرق الأوسط هي أكثر مناطق العالم اكتظاظاً بحاملي الشهادات العليا.. وهذا تفوُّق مُزيّف ومُضلّل، يثبت زيفه واقعنا العربي التنموي المؤسف، وبطالتنا وضعفنا الصناعي والاقتصادي والعلمي، وهوسنا بالمسميات والألقاب والشهادات على حساب المهارة والإنتاج!.

* هذه ليست دعوة لترك الدراسة بالطبع، فلا تزال الشهادة الجامعية تُمثِّل المرحلة الأولى للانطلاق نحو سوق العمل، كما أن هناك تخصصات مثل الطب والهندسة بحاجة للتعمق والتخصص أكثر.. لكنها دعوة للشباب خصوصاً الباحثين عن عمل لتطوير مهاراتهم وطرائق تفكيرهم والتميز عن طريق زيادة خبراتهم، فإذا كان الاقتصاديون يتوقعون اختفاء خمسة ملايين وظيفة تقليدية بحلول العام 2020، فإن هذا يفرض عليهم الاستعداد المُبكِّر لهذه المرحلة بالإجابة على سؤال مهم هو: «ماذا لدي لأتميَّز»؟!.

* عصر التوظيف الورقي يُوشك على الانتهاء حتى في منطقتنا العربية.. وكثير من الشركات النفطية والتقنية الكبرى في المنطقة استبدلت معيار الشهادة بالكفاءة في توزيع المناصب.. لذا ولكي تحصل على وظيفتك لابد أن تكون مختلفاً.. لا تضيّع وقتك في اللهاث خلف الأوراق والشهادات الجوفاء.. بل طوّر مهاراتك من خلال التدريب العملي.. واكتسب المزيد من المعرفة والاحترافية لتكون على قدر التنافسية القادمة.. وتذكَّر دوماً أن النجاح في الحياة يختلف كثيراً عن النجاح في التعليم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store