Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وماهي إلا أضغاث أحزان

وماهي إلا أضغاث أحزان

A A
عملٌ مكتوبة أحداثه منذ أزل، زمن انتهائه غير معلوم، محددة الأدوار فيه وموكلة لأصحابها، كلٌ يسير كيفما قُدِّرَ له، فيلمٌ مليء بالصراعات التي تخدم الحبكة الدرامية، مدٌ وجزر يعزز الإرادة ويربط الأحداث ببعضها، ركودٌ وثورة وتضارب في المشاعر، وجميعها تصُبُ في مصلحة عنصر الجذب والتحفيز على الاستمرار في المشاهدة حتى النهاية المجهولة المحتومة.

هذه هي الحياة، نبدأها بصرخة بريئة يُطلقها المرءُ منّا في غرفة المشفى إخطاراً منه بسلامةِ الوصول، تكون صرخته الأولى وبالطبع ليست الأخيرة، ومع مرور الأيام ومُضِيّ السنوات، تتوالى الصرخات، مع اختلاف أسبابها والمغزى منها.

تلهثُ أعمارُنا خلف أحلامنا التي ما إن يبدأ الفيلم تتهافتُ بداخلنا دون استراحة، تكبُرُ وتتفاقم ولا تأبَه للمثل الذي يقول «مد رجليك على قد لحافك»، فهي حرة متمردة تولد من الخيال، وما الخيال الا بحرٌ بلا شطان، تسبحُ فيه بلا قيود، لا تَكِنُّ ولا تهدأ حتى يصطادُها صاحبُها بسنارة إرادته وعزمه على تحقيقها، عند ذلك نجدها بخبثٍ ودهاءٍ منها، تلقي ببيضِها أثناء اصطيادها، لتضمن أنها لن تكون آخر حلم في مخيلتنا، لنظل بذلك في صراع الوصول الى أحلامنا والإمساك بها طوال حياتنا، مع اختلافها طبعاً لتتوافق مع الفئة العمرية لكلٍ منّا.

هي رحلة فرضت علينا، ولكننا مخيرون فيها، لقد تعجبت من هذا التناقض الذي بنيت عليه حياة المرء منا، كيف يكون مُخيراً وفِي ذات الوقت قدره المكتوب منذ أزل نافذ شاء أم أبى واختار عكس ذلك.!، فذهبت الى أصل الموضوع وقرأت أن الإنسان مسير، اذ إن أقداره مكتوبة وهو في رحم أمه فقال تعالى»إنَّا كلُ شَيْءٍ خلقناهُ بقدر»، ومخير اذ إنه خُلق له عقل يفكر به ويختار أي طريق يسلك وأيُ الأعمال يفعل، مكفولٌ له حق المشيئة حسب قوله تعالى» فَمَن شاء ذَكَرَه»، فكلٌ منا يرسمُ طريقه وفق أي رغبة بداخله قرر اتباعها دون غيرها، والله يقيّمُ أعمالنا فور وصولنا وانتهاء الرحلة.

وما الحياةُ إلا حلمٌ نظلُ نسعى وراءه، حتى نصل اليه أو نَضِل طريقه، وفِي كلتا الحالتين يولد حلُمٌ آخر يجعلنا في سجالٍ مستمر، حتى يسدل الستار وتودعنا الأحلام بأعينٍ دامعة، وتحملنا الأكتاف نحو مرقدنا الأبديّ.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store