Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

عن العنصرية الاقتصادية!

A A
• العنصرية منظومة فكرية قبيحة، تنتجها في الغالب الطبقات الأقوى والمسيطرة، من أجل الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن أجل استمرار تفوقها وسيطرتها على بقية الفئات والطبقات الأخرى!. ولأنها فعل لا أخلاقي، لا يتفق مع الأديان ولا الإنسانية في شيء، فإن كل النظريات والنظرات العنصرية تحاول سلخ الإنسان من إنسانيته من أجل شرعنة عنصريتها ضده، ولهذا يُقال: إن العنصرية لا تقوم بذاتها، بل تقوم لصالح جهة تعمل على إنتاجها وترويجها ومحاولة تعميمها، من أجل تحقيق نفعية اقتصادية وسياسية وثقافية.

• بعد اكتشاف القارة الأمريكية على يد اللص الشهير (كريستوفر كولمبوس) وعصابته، بدأ أعوانه من اللصوص الأسبان والبرتغاليين بالبحث عن الكنوز الذهبية عند أهل البلاد الأصليين، ومحاولة الاستيلاء عليها؛ ولو بقتل السكان أنفسهم!. ولما كانت معظم تلك الكنوز محفوظة في معابد (الازتك والإنكا) وغيرهم، حاول الغزاة الانقلاب على كل الأعراف الدينية والأخلاقية السائدة آنذاك، وتشبيه السكان الأصليين بالبهائم الضالة، مجرِّدين تلك الشعوب (الطيّبة والمسالمة جداً) من كل صفاتهم الإنسانية، بغية تبرير قتلهم واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم!.

• لقد كان استغلالاً عنصرياً فجاً، ومحاولة مكشوفة من (كولمبوس) ورفاقه، لتصوير الأمر على أنه فتح إنساني.. وتغليف تلك الحروب البشعة وذلك المشروع الاستعماري بغلاف يضعهم في خانة المستحقين الشرعيين لخيرات أراضٍ أوهموا التاريخ أن لا شعوب بها!.. والمؤسف أنهم نجحوا في ذلك، لأن التاريخ يكتبه المنتصرون!.

• شكل آخر من أشكال العنصرية النفعية حدثت في الولايات المتحدة أيضاً، وبعد نحو 400 سنة من سرقات (كولمبوس)، فبعد أن زرع المستعمرون مناطق شاسعة في أنحاء البلاد، والتي تحتاج إلى ملايين الأيدي العاملة، قاموا بسرقة ملايين البشر من إفريقيا، وبيعهم (كعبيد) أو (كبهائم غير عاقلة) للعمل في حقول السادة الأمريكان دون أدنى نظرة لحقوقهم كبشر.. ولتبرير هذا الاستغلال العنصري، حاولوا الترويج لإيديولوجية عنصرية مفادها أن كل أبناء (الملونين) هم (دواب) لا تحسن عمل شيء غير الأعمال الحرفية، ولتكريس الهوّة بين أبنائهم وأبناء (السود والملونين) قصروا التعليم على أبنائهم الذين كانوا يتعلَّمون ويترقون، بينما يبقى السود وأبناؤهم في أعمال الفلاحة التي كان يُراد لها أن تكون مهنتهم الأبدية!.

• البشر هم مَن يصنعون عنصرياتهم طبقاً لمصالحهم.. والأدهى أنهم يُبرِّرون لأنفسهم هذه الجرائم المضادة للإنسانية، ولكل الأديان السماوية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store