Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

وقف الزبادي.. وتجربة وَرِيْف

ضمير متكلم

A A
* (الأوقاف) في ثقافتنا الإسلامية لها رسالة كبيرة وعظيمة في خدمة (الإنسان)، في تعليمه وسكنه وفي معيشته، بل اللمسات الحانية لـ(تلك الأوقاف) وصلت إلى محطات غريبة وعجيبة، -فكما ذكرتُ ذات مقال- فقد كان هناك وقف خيري يُعْرَفُ بـ(وَقْف الزُّبَادي): جَمْع زِبْدِيَّة وهي آنية من خَزَف أو فُخَار، وكانت مهمة «ذلك الوقف» مساعدة الأولاد أو الخَدَم الذين تُكْسَرُ زِبْدِيَّاتِهِم وهم في طريقهم إلى البيوت، حيث يأتون إليه بالقطع المكسورة، فيُعْطَوْنَ أخرى جديدة، لئلا يُعاقبوا على ما وقع منهم، وكان لـ(الحيوان) نصيبه مِن (الوقْف)؛ فقد احتضنت الشّام في تاريخنا الإسلامي أوقافاً للعناية بالكلاب الضالة والقِطَط العمياء والجريحة والمكسورة، وكذلك الخيول المُسِنّة.

* والعالم المتحَضّر والمتطور يحتفي اليومَ بـ(الأوقاف واستثماراتها)، وإن اختلفت المسميات، التي منها (القطاع الثالث) باعتباره مكملًا وداعمًا للقطاعين الحكومي والخاص، فـ(90%) من جامعات الغرب تعتمد في مصروفاتها على (الأوقاف)، فمثلاً وقْف (جامعة هَارفرد) تتجاوز قيمته الـ(40 مليار دولار).

* وإذا رجعنا لـ(مجتمعنا السعودي) نلمسُ اهتمامه بـ(الأوقاف الخيرية)، فبحسب إحصائية نقلتها «صحيفة مكة» ديسمبر الماضي: (يبلغ عدد الأوقاف المسجلة في السعودية نحو «124 ألف وقف»، بينما يُضاف لها نحو «600 وقف جديد سنوياً»، بقيمة تصل إلى 54 مليار ريال).

* ولكن وللأسف الشديد (تلك الأوقاف) -التي أغلبها أراضٍ ومزارع- معطَّلة أو مجمَّدة منذ سنوات طويلة؛ بسبب الإهمال، أو تنازع سلطاتها بين الشؤون الإسلامية واجتهادات المحاكم والشؤون الاجتماعية، وكذلك القائمون عليها، أو «نُظّارها»، ولكن جاء إنشاء (هيئة عامة ومستقلة لإدارة الأوقاف)؛ ليفتح مساحات التفاؤل بتطور ذلك القطاع المهم، من خلال قيام (هيئته تلك) بتطوير أنظمته، والوصول لمرونتها، وإطلاق مبادرات عصرية لاستثماراتها، مع وضوح معالم حَوْكَمَتِهَا، وقبل ذلك العمل على نشر ثقافتها في المجتمع، لتشمل (المساجد، والمدارس، والجامعات، والمستشفيات، والكهرباء وتعبيد الطّرق، وكافة المجالات التي تخدم الإنسان).

* ومع التقدير لجهود (هيئة الأوقاف)، ولكن تبدو خطواتها بطيئة، ولا تواكب الوتيرة المتسارعة لتطور الوطن وتنميته في شتى الميادين؛ فهذه دعوة لمسؤوليها الأعزاء لِنَفض غبار الماضي.

* أخيراً وفي ذات الإطار أطلق (مستشفى الملك فيصل التخصصي) قبل أيام من خلال (مؤسسته الخيرية «وَرِيْف» مبادرة وقفية رائعة حملت إنشاء أول (صندوق استثماري وقفي في المملكة) مفتوح ومطروح طرحًا عامًا، ومُسَجّل في سُوق المال)؛ حيث تُوقف وَحَدَاتُه لصالح المؤسسة على المشتركين (الواقفين) سواء كانوا أفراداً أو شركات بقيمة (1000 ريال للسهم)، وستكون عوائد الصندوق مساندة لـ(وَرِيْف) في تحقيق أهدافها التي منها: (المساهمة في رفع المعاناة عن المرضى وعائلاتهم، وتمويل الأبحاث، والمشاركة في رفع مستوى الوعي في المجال الصحي)؛ فهذا نداء للإفادة من «تجربة وَريْف تلك» في عامة قطاعات الأوقاف؛ لتكون مُعَزّزة لاقتصاد الوطن ورفاهية إِنسَانِه.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store