Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

ربِّ عظِّم أجري.. ويسِّر لي عُمري!

الحبر الأصفر

A A
يَقَعُ بَعض النَّاس فِي خَطأٍ جَسيم، وخَلَلٍ عَظيم، حِينَ يَتحدَّثون عَن الإنسَان، وكَأنَّه كُتلَة وَاحِدَة، لَا تَتغيَّر ولَا تَتَحوَّل، ولَا تَتَبدَّل ولَا تَتَعدَّل..!

إنَّ الإنسَان كَائِنٌ حَيّ، واحتيَاجَاته وهو طِفل، لَيست كاحتيَاجَاته وهو شَاب، أَو مُتطلَّبَاته وهو رَجُل، أَو مَطَالبه وهو شَيخٌ عَجوز؛ لِذَلِك مِن الجيِّد أَنْ نُحدِّد -أوَّلًا- عُمْر الإنسَان، ثُمَّ نَتنَاوَل ونَصِفُ حَاجَاته واحتيَاجَاته، ومَطَالبه ومُتطلَّبَاته، وحَتَّى لَا أُطيل فِي الكَلَام، دَعوني أَستَعرض مَعكُم هَذا التَّقسيم، الذي أَبدَع وَصف مَرَاحله؛ شَاعِرٌ قَديم، بكُلِّ دِقَّة، حِينَ قَال:

ابْن عَشرٍ مِن السِّنين غُلَامٌ

رُفِعَت عَن نَظيرهِ الأَقْلَامُ

وابْن عِشرين الصِّبَا والتَّصَابي

لَيس يُثنيهِ عَن هَوَاه مَلَامُ

والثَّلاثُون قُوَّةٌ وشَبَابٌ

وهَيَامٌ ولَوعَةٌ وغَرَامُ

فإذَا زَادَ بَعدَ ذَلِك عَشرًا

فكَمَال ٌوشِـدَّة ٌوتَمَـامُ

وابْن خَمسِين مَرّ عِندَ حيَاةٍ

فيَرَاهَا كَأنَّهَا أَحلَامُ

وابْن سِتّين صَيّرته اللَّيَالِي

هَدفاً للمَنُون فهي سِهَامُ

وابْن سَبعين عُمره قَد كَفَاهُ

لَا يُبَالي مَتَى يَكُون الحِمَامُ

وإذَا عَاشَ بَعد ذَلِكَ عَشرًا

بَلغَ الغَايَة التي لَا تُرامُ

وابْن تِسعين لَا تَسلْنِي عَنه

فابْن تِسعين مَا عَليهِ كَلَامُ

وإذَا عَاش بَعد ذَلك عَشرًا

فهو حَيٌّ كمَيّتٍ والسَّلَامُ!!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: يَا قَوم، هَذا تَقسيم العُمر ومَرَاحله، فليَنظُر كُلٌّ مِنَّا إلَى العُمر الذي يُلائِمه، والمَرحلَة التي يَعيش فِيهَا، والفِئَة السِّنيَّة التي يَحيَاهَا، ومَا يُقَابلها مِن تَصرُّفَات، ثُمَّ يَرَى مِن نَفسِهِ ومِن حَالِهِ، هَل صَدَقَ الشَّاعِر أَمْ لَا؟، ولتَكُن مُمَارَسَات كُلٌّ مِنَّا، لَائِقَة بالمَرْحَلةِ العُمريَّة التي يَعيشهَا..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store