Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

المشكلة ليست «سعيد وألما زملط».. بل قضية تأبى الموت!

ليوقن هؤلاء المانحين والمانعين أن أطفال فلسطين وبينهم سعيد وألما حسام زملط سيطلعون عليهم من كل مكان.. سيمرقون بينهم كالرعد.. بل كالطوفان.. كالموت.. لأنهم يخرجون ويتخرَّجون في الأساس من أرض أمهم.. من رحم حزنها.. ومن بطن يأسها، ليرسموا على سبّورة الحاضر والمستقبل، وطناً اسمه فلسطين.

A A
أبداً.. ليست المشكلة في مصير الطالب سعيد حسام زملط، ولا في مصير الطالبة ألما حسام زملط، ابن وابنة السفير الفلسطيني في واشنطن.. بل إنها ليست في مصاريف الدراسة التي تم تسديدها، ولا في مصاريف جميع الطلاب والطالبات الفلسطينيين.. المشكلة في القدس عاصمة فلسطين إلى يوم الدين!

وبالتأكيد لو أنها في المصاريف.. مصاريف الدراسة والإعاشة لمئات الآلاف من الدارسين والدارسات، لانتهت منذ عشرات السنين.. المشكلة في تمسُّك كل مولود فلسطيني بأمه.. وأمه اسمها فلسطين.

ومع التقدير للموقف الإنساني النبيل للسيدة حنان عشراوي التي أبدت أسفها وتألّمها للمستوى الجديد من العقوبات الأمريكية المتمثلة في استهداف عائلة السفير زملط، فإننا لن ننسى كيف عصف الجميع بمن فيهم الدكتورة حنان بكل المشاعر، وجلسوا للتنازل عن الأرض قبل سنين.

في كل الأحوال ورغم كل الظروف، هذا ليس وقت التلاوم، ولا تبادل الاتهام، بمَن الذي باع، أو فرَّط، أو خان.. هذا وقت إضافي جديد للامتحان.. والناجح بالتأكيد هو الذي يُوقن من داخله أن الأرض ستعود.

لقد جاء القرار الأمريكي الجديد بالتزامن مع بدء جولة جديدة من جولات أو مباحثات أو محاولات المصالحة الفلسطينية، وكان من اللافت كما ورد في تقرير لصحيفة الشرق الأوسط أن محمود عباس هدَّد بأنه سيُوقف الدعم المالي عن غزة، وقدره ٩٦ مليون دولار شهرياً، إذا وقَّعت حماس اتفاقاً مع إسرائيل، لأن منظمة التحرير هي الجهة الوحيدة المخوّلة بتوقيع اتفاق مع إسرائيل.

لن أناقش هنا مسألة التخويل، وما أصاب فلسطين من تخويلات كثيرة أصعبها بل أشدها إيلاماً، اتفاقية أوسلو، التي تم خلالها الموافقة على التنازل عن غالبية الأرض، لكني أتوقَّف فقط أمام وقف التمويل! لقد بدا الأمر بالنسبة لفلسطين الوطن والدولة مسألة مالية.. الأونروا توقف التمويل، وواشنطن توقف الحسابات المصرفية للبعثة، والمنظمة تُهدِّد بوقف التمويل، وكأن دولارات العالم يمكن أن تُغني عن وطن ودولة اسمها فلسطين.

أعود إلى أولاد السفير الفلسطيني لدى واشنطن حسام زملط، الذي حزن على عدم إبقائهم حتى نهاية العام الدراسي فأقول: إن ضياع فصل بل سنة دراسية لا يهم في سبيل القضية.

ويا سعيد، ويا ألما، ويا كل صغار الوطن الفلسطيني الواقف في حلوقهم كالغصَّة، بل كالسيف.. انضموا لإخوانكم وأخواتكم، وارسموا فوق قرارات المنع والقهر، شارات للتحدي وأخرى للنصر.. كونوا برقنا الآتي ببشارات المطر.

وليعلم المراهنون على وقف التمويل والدعم وأصحاب قرارات الحرمان والمنع أن سعيد حسام زملط سيتحوَّل عند الحاجة.. حاجة فلسطين، إلى حجرٍ موحش وجميل كقبرة.. في النهار مثل حمامة.. وفي الليل مجمرة.

ليوقن هؤلاء المانحين والمانعين أن أطفال فلسطين وبينهم سعيد وألما حسام زملط سيطلعون عليهم من كل مكان.. سيمرقون بينهم كالرعد.. بل كالطوفان.. كالموت.. لأنهم يخرجون ويتخرَّجون في الأساس من أرض أمهم.. من رحم حزنها.. ومن بطن يأسها، ليرسموا على سبّورة الحاضر والمستقبل، وطناً اسمه فلسطين.

أيها الضاغطون حتى الجوع، والمانعون حتى العطش، والمُهدّدون حتى الموت: إن لكل شوط نهاية.. ولكل جيل نهاية.. ولكل ليل نهاية.. وشمس فلسطين ستظل بداية البداية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store