Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رئيس وزراء باكستان "عمران خان": المملكة دولة محورية ومركز العالم الإسلامي

رئيس وزراء باكستان "عمران خان": المملكة دولة محورية ومركز العالم الإسلامي

في حوار مع قناة "الإخبارية"

A A
أكد دولة رئيس وزراء باكستان عمران خان أن زيارته للمملكة العربية السعودية كانت محطته الأولى خارجيًا، لأنها تأتي تلبية لدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وفرصة لزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة، موضحًا أن هذا تقليد باكستاني عريق جرت عليه الحكومات المتعاقبة.

وقال دولة رئيس وزراء باكستان في حوار مع قناة "الإخبارية" إن هناك حبًا استثنائيًا للمملكة في قلب كل باكستاني، ونحن ندعو للمملكة ونتمنى أن تظل آمنة ومزدهرة. مشيرًا إلى أن الباكستانيين يريدون أن يظهروا للشعب السعودي أننا نقف إلى جوار المملكة التي وقفت معنا في أوقات الأزمات، ومشددًا على أن باكستان لن تسمح لأحد بأن يعتدي على المملكة، وأنها ستقف معها، موضحًا أهمية حل الصراعات عن طريق الحوار السياسي. وأضاف أن بلاده على استعداد للعب دور إيجابي لإنهاء الأزمة في اليمن.

وأوضح دولة رئيس وزراء باكستان أن المملكة دولة محورية ومركز العالم الإسلامي لما تمتلكه من مخزون نفطي وقوة سياسية وقوة مالية واحتضانها لمكة المكرمة والمدينة المنورة. وأنه يمكن للمملكة أن تلعب دورًا كبيرًا في القضاء على الصراعات والتقريب بين الشعوب، مؤكدًا أن باكستان ستتعاون مع المملكة من أجل إطفاء تلك النيران وإحلال السلام.

وأشاد دولة رئيس وزراء باكستان بحملة مكافحة الفساد التي بدأها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في المملكة، وقال إن هذا بالضبط ما يجب أن يفعله في باكستان. وأوضح أنه يريد تعزيز منظومة الحكم في بلاده، وتغيير أوضاع النصف الأفقر من المجتمع إلى الأفضل اقتصاديا، من خلال الاستثمار في الطاقات البشرية، والانفاق على تطوير التعليم والصحة والبنية التحتية، وبناء دولة مؤسسات قوية.

وفي ما يلي نص الحوار:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

• دولة رئيس الوزراء، أود أن أبدا لقائي بسؤال الساعة الذي يطرحه الملايين في المنطقة العربية: من هو عمران خان؟ هل هو لاعب كريكت مشهور؟ أم أنه الرجل الذي عُرف بإنسانيته الجياشة حيث نجح ببناء أشهر مستشفى لعلاج الأورام السرطانية في العالم بالباكستان؟ أم أنه السياسي الذي ناضل 22 عامًا ليحقق رؤيته حول باكستان الجديدة؟

•• في الواقع، عمران خان هو إنسان عادي، لديه أحلام كبيرة، فهو ذلك الإنسان الذي يحلق في أحلامه، ولديه أفكار كبيرة وإبداعية، ويناضل لتحقيق هذه الأحلام، وفي كل مرة كنت أواجه نكسات وأزمات في حياتي، وكنت أتعلم من تلك الأوقات الصعبة والأزمات.

ودعني أكون صريحا معك؛ أنا لا أتذمر من تلك اللحظات العصيبة لأنني تعلمت منها أن الفشل هو أفضل مدرسة للتعليم.

تسألني من هو عمران خان؟. عمران خان هو الإنسان الذي بدأ حياته في عالم لعبة الكريكت، وتعلم كيف يكافح في رياضة الكريكت، وكيف ينتصر، وأيضًا يتعلم أن لا تقهره الخسارة.

لقد رأيت والدتي ـ رحمها الله ـ تعاني من مرض السرطان، فقررت حينها أن أبني مستشفى لعلاج السرطان باسم "شوكت خانوم" تخليدا لذكراها.

وبعد اعتزالي الكريكت، شرعت في بناء المستشفى الخاص بالأورام السرطانية، ثم قررت بعد ذلك أن أعمل على بناء باكستان الجديدة التي كنت أحلم برؤيتها في شبابي، وللأسف باكستان لم تكن تسلك تلك الوجهة في ذلك الحين، وبدأ نضالي الثاني لتغيير باكستان وإن كلمة "نيو باكستان" أو باكستان الجديدة هي باكستان التي يتطلع إليها الآباء المؤسسون.

شفافية وصراحة متناهية

• شعرت من خطاباتكم السابقة وإجابتكم لسؤالي، أنكم تتعاملون بكل شفافية ووضوح وصراحةً مطلقة.. فهل تعتقدون أنه خلال الأعوام الخمسة المقبلة من حكمكم، أنكم قادرون على حل الأزمات المتراكمة التي تواجه باكستان والتي تَعود لعقود من الزمن؟

•• انظر دعني أحدثك كمسلم، إننا حين نصلي خمس مرات في اليوم فإننا ندعو الله تعالى جميعا شيئا واحدًا وهو ماورد في سورة الفاتحة «اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين». وكل ما أُمرنا به من المولى عز وجل أن نسأل الله ذلك الصراط المستقيم.

وكما تعلم أن التوفيق ليس في أيدينا بل في يد الله سبحانه تعالى، وكل ما يرجى منا فعله هو أن نجتهد في هذا الطريق الذي هدانا الله إليه، وكل ما نخطط فعله هو تغيير باكستان لنضعها على الطريق المستقيم الذي يجب أن تسير عليه الدولة، حيث يجب أن نؤسس مجتمع العدالة والإنسانية.

إذن فهذا كل ما نحاول فعله، سنغير الطريقة التي تحكم بها باكستان، وسنغير طريقة تفكير شعب باكستان، وسنحقق ذلك بطريقتين:

أولا: سنرفع حالة النصف الأفقر من المجتمع إلى الأفضل اقتصاديا، بدل أن نسمح للأغنياء بتوسيع ثرواتهم، وسننتشل الشعب من الفقر بنفس الطريقة التي سلكتها الصين، حيث قام قادة الصين العظماء بانتشال 700 مليون إنسان من الفقر خلال الأعوام الـ 30 الماضية، وأضحت الصين قوة عالمية.

أما النقطة الثانية: فنريد أن نجعل باكستان الدولة التي تستثمر في الطاقات البشرية، وأن ننفق الأموال على الإنسان وعلى البنية التحتية، وعندما نطور الإنسان، فإن الإنسان يستثمر في البنية التحتية، فالمفتاح الأساسي هو صحة الإنسان وتعليمه، بالإضافة إلى توفير المياه الصالحة للشرب، فضلا عن بناء دولة مؤسسات قوية، فالدول تنهض ببناء مؤسسات قوية وليست هزيلة.

المملكة في قلوب الباكستانيين

• دولة رئيس الوزراء؛ نشعر أن الحراك السياسي المحلي النشط حاليًا هو مفعم برؤية باكستان الجديدة، ولقد راقبنا تحولات السياسة الباكستانية الخارجية في الوقت نفسه أيضًا. كيف ترون الحراك السياسي الباكستاني النشط في الإطار الجيوسياسي والإسلامي، إلى جانب إعادة تموضع باكستان الجديدة لتعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية؟

•• دعني في البداية أقول إن باكستان عانت في الأعوام الـ 15 الماضية من الحرب على الإرهاب، واختارت باكستان أن تنضم للحرب على الإرهاب بعد أحداث سبتمبر التي لم تتورط فيها باكستان، فالقاعدة كانت في أفغانستان ودخلت باكستان في هذه الحرب، وعانت البلاد جراء ذلك الأمرين، وقتل 88 ألف باكستاني إلى الآن في هذه الحرب، وكانت الخسائر الاقتصادية أكثر من 100 مليار دولار، وتم تدمير المناطق القبلية على حدود أفغانستان وكل ما نريده الآن هو السلام ونريد الاستقرار في باكستان، ولنحصل على الاستقرار نريد السلام لكل الجيران.

أما المملكة العربية السعودية، فهي البلاد التي تحظى بمحبة وعلاقة خاصة في قلوب الشعب الباكستاني، والسبب الأول لذلك هو احتضان المملكة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، ولكل مسلم مشاعر استثنائية تجاه المملكة العربية السعودية، كما أن حكومة المملكة العربية السعودية كانت دائمًا كريمة، ووقفت مع باكستان في الأزمات التي مرت بها، فعندما كانت تعاني بلادنا من الكوارث الطبيعية كانت المملكة العربية السعودية متصدرة في تقديم المساعدات الجبارة والكبيرة. فهناك حب استثنائي للمملكة العربية السعودية، وبالطبع فإن كل باكستاني يتمنى أن تظل المملكة العربية السعودية آمنة ومزدهرة. كلنا ندعو للمملكة العربية السعودية.

زيارة المملكة تقليد ثابت

• دولة رئيس الوزراء؛ لماذا اخترت المملكة العربية السعودية لتكون المحطة الأولى في زياراتكم الخارجية؟

•• في الواقع لم أكن أود الخروج من باكستان في الأشهر الثلاثة الأولى، والسبب هو أننا واجهنا مشكلات متعددة سياسية واقتصادية ومتنوعة، لذا كنت أود ترتيب بيتنا الداخلي أولًا قبل السفر إلى خارج البلاد. أنا في الحقيقة لا أحب السفر خارج البلاد كثيرًا لأنني أعتقد أن المهمة الرئيسة لزعيم البلاد هو متابعة مختلف المشكلات التي تواجهها البلاد، لكن المملكة العربية السعودية كانت المحطة الأولى لأنني تلقيت دعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين.

وثانيًا: أنني أراها فرصة كأي مسلم لزيارة مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ فلذلك جعلتها استثناء، وقد جرت العادة التاريخية في باكستان عندما يتم إجراء الانتخابات، فإن الذي يفوز بالانتخابات يتوجه للمملكة العربية السعودية أولًا.

• إذا: كيف ترون مستقبل العلاقات بين المملكة العربية السعودية وباكستان؟. وكيف يمكن لباكستان أن تتفاعل مع قضايا الشرق الأوسط والعالم الإسلامي؟. وكيف يمكن أيضًا أن تعمل المملكة مع باكستان لحفظ الأمن في المنطقة ومكافحة الإرهاب وإحلال السلام عالميًا؟

•• أعتقد أنه قبل كل شيء، الباكستانيون يريدون أن يظهروا للشعب السعودي أننا نقف إلى جوار المملكة العربية السعودية، لأن السعودية وقفت معنا في أوقات الأزمات فإننا سنقف معها دائمًا عندما تمر في أوقات صعبة، ثانيًا فإن ما نريد أن نفعله بشكل مثالي هو ضمان السلام في الشرق الأوسط، لأنه من المحبط أن يرى المسلمون هذه الصراعات بين الدول الإسلامية.

وإذا نظرت إلى العالم الإسلامي اليوم في ليبيا والصومال وسورية وما يدور فيها، وما يدور في أفغانستان، ماذا ستفعل باكستان؟. لحسن الحظ فإن باكستان استطاعت القضاء على الإرهاب، ونحن نسعى أن يحل السلام في الشرق الأوسط، ونرغب أن نلعب دورًا في تقريب وجهات النظر ما بين دول العالم الإسلامي، وتعزيز العمل الإسلامي المشترك، وسيكون هذا جهدنا الأساسي.

أما فيما يخص الجانب اليمني؛ فإذا كانت جهودنا مطلوبة هناك فإننا سنلعب دورًا إيجابيًا هناك لننهي الازمة.

فرص غزيرة للاستثمار

• هل ترى دولتكم أن هناك مجالًا للمملكة العربية السعودية للاستثمار في الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان؟

•• إن الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان هو أحد أبرز الفرص التي تدفع الآخرين للاستثمار في باكستان. لأنه يربط البحر بالحدود الصينية، وعلى طول الطريق ستكون هناك مناطق اقتصادية ستمثل مجالات تدفع الناس للاستثمارات كبيرة في باكستان، وفي المستقبل عندما يحل السلام في أفغانستان إن شاء الله، فإن الممر الاقتصادي سيصل باكستان مع دول آسيا الوسطى، لأن الممر الاقتصادي سيمر عبر أفغانستان إلى وسط آسيا فكل هذه المنطقة ستتغير. وهذا ما سيكون عليه المستقبل.

فعندما يكون لديك سوق كبير وتتحسن العلاقات مع الهند يومًا ما إن شاء الله، فسيكون لديك سوق هندي ضخم من جهة، والسوق الصيني وآسيا الوسطى. فالوضع الجيو استراتيجي الذي تحتله باكستان يفيد في أنه إذا استطعنا ترشيد نظام الحكم كما قلت، فإن هذا أفضل الأماكن للاستثمار.

• خلال حديثكم، تحدثتم عن الشرق الأوسط بنوع من الألم، واستطعت أن ألمس ذلك في ثنايا الحديث، لقد وقع الشرق الأوسط ضحية لحرب طائفية فظيعة، وتحديدا في سورية والعراق واليمن و لبنان. باكستان نفسها عانت من الحرب بالوكالة قبل ذلك، فكيف ترون الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية وباكستان معا من أجل إحلال السلام وجعل المنطقة خالية من العنف والإرهاب والطائفية، وخالية من الحروب؟

•• المملكة العربية السعودية دولة محورية في العالم الإسلامي وربما يعود أحد الأسباب إلى ما تمتلكه المملكة من مخزون نفطي وقوة سياسية وقوة مالية، وذلك يتوازى مع احتضانها لمكة والمدينة. فكل المسلمين ينظرون إليها على أنها مركز العالم الإسلامي، فالمملكة يمكنها أن تلعب دورًا كبيرًا، ونحن أيضًا نريد أن نلعب دورنا في القضاء على هذه الصراعات وتقريب الشعوب من بعضها؛ لأن هذا لا ينفع إلا أعداء العالم الإسلامي، وإذا استطعنا أن نطفئ هذه النيران، فإن هذا سيعطينا دورا أكبر لإحلال السلام.

نقف مع المملكة ضد أي عدوان

• المملكة العربية السعودية كانت للأسف هدفًا لاعتداءات صواريخ المليشيات الحوثية، التي حاولت أيضا الاعتداء على الحرم المكي الشريف، كيف سيكون رد حكومتكم إذا تعرضت المملكة العربية السعودية التي تحتضن الحرمين الشريفين لأي اعتداءات؟

•• هذا الموقف عبرت عنه جميع الحكومات المتعاقبة في باكستان، وهو أننا لن نسمح لأحد أن يعتدي على المملكة العربية السعودية، وسنقف مع المملكة العربية السعودية، ولكنني أستطيع أن أقول شيئًا، وهو أنه يمكن حل جميع الصراعات عن طريق الحوار السياسي.

• دولة رئيس الوزراء، باكستان عضو مؤسس في التحالف العسكري الإسلامي لمكافحة الإرهاب الذي يتخذ من الرياض مقرًا له، هذه المبادرة التي تم تبنيها من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ كيف ترى دور باكستان في هذا السياق؟

•• حسنًا؛ إن باكستان متمرسة جدًا في مكافحة الاٍرهاب إلى درجة أنه لا أحد يمكن أن يوجد لديه خبرات لمكافحة الإرهاب مثل باكستان. إن ما واجهته باكستان من الاٍرهاب كان داميًا. أنا لست متأكدًا إذا كانت هناك دولة أخرى تستطيع أن تتحمل ذلك الوضع، كان لدينا وفيات وقتلى، كنا نتعرض يوميا لهجمات انتحارية كبيرة في مختلف أنحاء البلاد، بلغت ذروتها في عام 2013م، حيث زادت حدة الهجمات الانتحارية، واستطاعت وكالة الاستخبارات والجيش الباكستاني، اللذان لا أستطيع أن أوفيهما حقهما من الثناء، إلى جانب القوى الأمنية الباكستانية، تحقيق ما لم تتمكن أي دولة أخرى من تحقيقه.

فإن لدى باكستان هذه التجربة الفريدة، ويمكنها أن تنصح البلاد الأخرى كيف تكافح الإرهاب. ولكن في الوقت نفسه فإن السبيل الآخر يجب أن يكون الحوار السياسي لأن الصراعات يجب حلها.

الفساد يدمر الدول

• كيف ترون الإصلاحات التي يقوم بها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بموجب رؤية المملكة 2030م؟. لقد أثنيتم دولتكم في الحقيقة على حملة مكافحة الفساد التي أطلقها ولي العهد، كيف تنظر إلى هذه الرؤية؟. وهل تشعر أن هناك تشابه بين رؤية باكستان الجديدة وبين رؤية المملكة 2030؟

•• بكل أمانة، نحن نشيد بحملة مكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية، فالفساد هو السبب الرئيس الذي يجعل البلاد تظل فقيرة، أنا دائما أكرر أن البلاد لا تظل فقيرة بسبب نقص الموارد ولكن تصبح فقيرة بسبب الفساد. إن ما يفعله الفساد هو ليس فقط أن الأموال التي يجب أن تصرف على الشعب تسحب من المنظومة وتخبأ في حسابات خارجية، ذلك سبب واحد، ولكن السبب الآخر هو أخذ ذلك المال، والانخراط في الفساد يمكنك أن تحصل أموالًا من المنظومة عبر تدمير مؤسسات الدولة، فهناك دمار كبير أحدثه الفساد، فعندما يكون رأس الهرم فاسدًا فإنه يدمر مؤسسات الدولة، وعندما تتدمر مؤسسات الدولة تضيع البلاد، وتصبح دولة من العالم الثالث.

فلاشك إذًا أن حملة مكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية هي بالضبط ما يجب أن نفعله، فعندما كان سموه يقوم بذلك في المملكة العربية السعودية، كنت متحمسًا لأفعل الشيء نفسه في باكستان، ويمكننا فعل ذلك هنا وإننا نجري الآن حملة كبيرة لمكافحة الفساد.

الرهان على الشباب

• هناك تشابه في الأطروحات بخصوص رؤية المملكة 2030 ورؤية باكستان الجديدة، خصوصا أن معظم الشعب الباكستاني من الجيل الشاب، وكذلك معظم الشعب السعودي من الجيل الشاب أيضًا، فهل ترون أن هناك تقاربًا في كلتا الرؤيتين؟. وهل يمكن تطبيق هاتين الرؤيتين، ليس لنفع البلدين فقط، بل لنفع الأمة الإسلامية؟

•• عندما يكون لدينا جيل شاب، فإن لدينا مسؤولية كبيرة لتعليمه وتزويده بالتعليم ذي الدرجة العالية، وهنا أنا لا أتحدث عن التعليم العام فقط، بل بالأخص التعليم العالي، نريد جامعات ذات نوعية عالية، ونحن إن شاء الله في دولة باكستان سنطور الجامعات الحالية، ثم نبدأ بإقامة جامعات بأحدث التقنيات، ونبدأ بإنشاء أحدث جامعة في قصر رئيس الوزراء، الذي يفترض أن يكون منزل رئيس الوزراء المخصص لي، وهو مكان كبير جدًا، لذا قررت أن أعيش في بيت صغير، وأحول ذلك المكان الكبير الذي كان مخصصًا لشخص واحد هو رئيس الوزراء إلى جامعة حديثة جدًا للتعليم العالي والدراسات العليا.

• كما تعلمون أن العلم والثقافة هما أهم العناصر لتطوير البلاد، وكان مشروعكم التعليمي في جامعة "النومل"، قد احتل مكانة مرموقة، ولدينا أيضًا جامعات مرموقة جدًا في المملكة العربية السعودية، كيف ترى أنه يمكن استثمار هذا السياق الفكري والتعليمي في كلا البلدين؟

•• أنا أتطلع للحديث إلى سمو ولي للعهد وتحديدا في المجالات التي يمكن أن نفيد فيها بعضنا، والتعليم هو أحد أكبر هذه المجالات. لقد أسسنا جامعة "النومل" في منطقة ريفية، وهي الدائرة التي أنتمي إليها (ميان والي) والذي اكتشفناه أنه إذا وفرت تعليمًا جيدًا للناس الفقراء، والذين يفتقدون للتعليم الجيد، فإذا وفرت لهم تعليمًا جيدًا فإن تعطشهم للتقدم كبير جدًا، وسيتغلبون على الناس الذين مثلي ممن حصلوا على تعليم جيد وذهبوا لمدارس ذات نوعية عالية، سيكون لديهم دافع أكبر بكثير من الناس الآخرين، فجامعة "النومل" كانت تابعة لجامعة "براكفورد"، و90% من الناس في هذه المناطق الريفية يحصلون على تعليم مجاني، 90% منهم يحصلون على منح، وكانت نتائجهم أفضل بكثير من النتائج في جامعة "براكفورد"، فما أدركناه حقًا هو أن علينا أن نوفر التعليم لهذه الطبقة الفقيرة الطبقة المهمشة في البلاد، والذين لديهم الرغبة القصوى في الدراسة وتطوير أنفسهم.

• أنتم كرئيس للوزراء كيف ستوسعون الدبلوماسية التعليمية التي بدأتها في جامعة "نومل"؟. كيف ستنشرون قاعدة التعليم النوعي في جميع أنحاء باكستان؟

•• نعم؛ لاشك أن أهم شيء هو أن نتعاون مع بعضنا، نحن نحب أن نتعاون في مجال التعليم، وفيما عرفناه عن تجربة المملكة العربية السعودية، وأنا أعتقد ـ رغم أنني لست محيطًا بوضع التعليم في المملكة العربية السعودية ـ أن هناك كثيرًا من الأموال أنفقت على التعليم العالي في المملكة العربية السعودية.

استعمار جديد

• لقد عبرت حكومتكم عن موقف داعم للمملكة حول كندا، وهذا يؤكد موقف حكومتكم المؤيد لعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، فما رؤيتكم بخصوص التدخلات في شؤون الدول الأخرى؟. وعدم التدخل من أسس السياسة الخارجية للمملكة، فالسعودية لم تسمح مطلقًا لأي دولة أن تتدخل في شؤونها، وهي لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى؟

•• دعني أشير إلى شيء مهم حول التدخلات الخارجية، وهي أن المشكلة بدأت من حقبة الاستعمار حيث كان معظم العالم الإسلامي تحت حكم الاحتلال في النصف الأول من القرن العشرين، وعندما خرجت البلاد الإسلامية من الوصاية الاستعمارية، كانت تريد أن تقف على قدميها، وتجد نوعًا من منظومة الحكم، وكانت كل دولة مسلمة تمر في نوع معين من النشأة، ولكن الذي حصل هو أننا بدأنا نتعرض لنوع جديد من الاستعمار، يوجهنا كيف نتصرف باسم حقوق الإنسان وغيره من العناوين، ويبدي قلقه على وضع المرأة في العالم الإسلامي، وإلى حد ما كانت الدول الغربية تملي على الدول الإسلامية كيف تتصرف، وأي ثقافة يجب أن يتبنوا، وما هو الصحيح وما هو الخطأ وكان هذا استعمارًا جديدًا، كما كان في الحقيقة "إمبريالية ثقافية" فالدول لا تتطور حين تفرض عليها ثقافات الدول القوية.

تنمو الدول حين تكوِّن ثقافاتها الخاصة، وتبحث حول العالم، وتتأثر بالدول الأخرى، ولكنها تنمو بشكل عضوي حين تكون جذورها ضاربة في تربتها، فهذه هي الطريقة التي تنشأ بها الدول.

ولكن عندما تفرض عليك ثقافة الأقوياء، فإنها تسبب أزمة ثقافية في البلاد، وتسبب مشكلات للمجتمع، فالأصولية هي بالحقيقة ردة فعل المجتمع الإسلامي تجاه الثقافات الأخرى التي يتم فرضها عليها بالقوة، وذلك يسبب ما يسمى بالتغريب الزائف، الذي ينمو في سياقه التاريخي والثقافي، وإذا كنا نتصور أن المجتمع المسلم سيتبنى الطريقة الغربية في الحياة بدون التواصل مع الثقافة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، فإن ذلك يسبب تداخل ويسبب أزمة وردة فعل، فأنا مؤمن جدًا أن المجتمعات يجب أن تنمو في ظل ثقافتها الخاصة وتاريخها ودينها الخاص.

مهين لـ 1.3 مليار مسلم

• موقفكم بشأن الرسوم المسيئة في هولندا كان إيجابيًا، هذا الموقف أدى إلى تغيير كبير في الموقف الهولندي، وأنتم تحدثتم عن ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، وأنتم تعلمون جيدًا أن المملكة العربية السعودية تتبنى الوسطية والاعتدال، فكيف يمكن لبلدينا أن يرسلا رسالة للغرب أن الإسلام بريء من الإرهاب، وأن الإسلام تم اختطافه من قبل جماعات إرهابية؟

•• بدايةً.. الإسلام هو دين الوسطية، والإسلام لو نظرت للتاريخ كان أكثر دين وسطي بين الأديان، وأن الأقليات الأخرى عاشت في المجتمعات الإسلامية لقرون طويلة وما رست حريتها الدينية.

أنا أتحدث عن كل شيء بالمقارنة مع الآخرين، فلو نظرت إلى الحكم الإسلامي في الأندلس وتاريخ المسلمين في إسبانيا، فقد كان حكمًا منفتحًا أتاح الحرية لكل الأديان، وقد نص القرآن الكريم على ذلك بشكل خاص في قول الله تعالى: "لا إكراه في الدين".

أما ما يتعلق بالرسوم الهولندية المسيئة فإنها قضية مهمة جدًا، لم يتم تناولها من الدول الإسلامية، فاليهود أخبروا العالم بنجاح أن "الهولوكوست" سبب كثيرًا من الآلام للشعب اليهودي، وقالوا بوضوح لا تتحدثوا عن هذا الموضوع، ولا تعتمدوا على تفسيراتكم الخاصة لأن ذلك يسبب لنا ألمًا، والعالم الغربي تفهم ذلك، لكن الغرب لا يفهم الألم الذي يسببه للمسلمين حينما يقوم الغرب بتمرير تعليقات ساخرة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو حينما يبدؤون باستهداف القرآن الكريم، وهذا يمثل فشلًا للعالم الإسلامي، لأننا لم نكن قادرين على أن نشرح للعالم الغربي لماذا هذا يؤلمنا جدًا، لأن الطريقة التي ينظر بها العالم الغربي للدين تختلف جدًا عن الطريقة التي ننظر بها للدين، الطريقة التي ننظر بها للأنبياء والرسل تختلف جدا عن الطريقة التي ينظرون بها للأنبياء والرسل الذين كانوا مرسلين من الله.

ونحن نحاول أن نشرح لهم أنه إذا استمر هذا الأمر، بأن يقوم أحد من العالم الغربي بإهانة مشاعر المسلمين بالتهجم على النبي الكريم، وعندما يحصل ذلك فإنه سيجر غضبًا في العالم الإسلامي، لأن الأكثرية في العالم الغربي لن يتفهموا، وسيصفون الإسلام بأنه دين غير متسامح وستتنامى مشاعر "الإسلاموفوبيا" في الغرب.

لذا فإنني أشعر بقوة أن منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة يجب أن تشرحا للقوى الغربية أن هذا الأمر يسبب لنا إهانة، ونحن أكثر من مليار وثلاثمئة مليون إنسان على هذه الأرض، وهذا يهيننا، لماذا لا يستطيع البشر أن يعيشوا سويًا، لماذا لا يستطيعون علاج هذه المسألة بحساسية كما يتعامل الغرب مع "الهولوكوست"؟!.

رسائل إلى:

• ماهي رسالتكم إلى مليوني مغترب باكستاني في المملكة العربية السعودية، وأنا أعلم أن دولة رئيس الوزراء يعطي أهمية كبيرة للباكستانيين الذين يعيشون في الخارج؛ ماهي رسالتك لهم؟. وما هي الرسالة التي توجهها بلسان 200 مليون باكستاني إلى الشعب السعودي؟

•• رسالتي للباكستانيين الذين يعملون في الخارج؛ أريد أن أقول لهم إنني أحيانًا أشعر بالأسى أننا لم نستطع أن نصنع في بلادنا بيئة تناسبهم، إنه من الصعب أن تغترب خارج البلاد وتترك أسرتك وراءك وتعمل.

كل ما عليك فعله هو أن تعمل بجد وتكد دائما لتطعم عائلتك هنا، وأنا أدعو الله تعالى أن يأتي ذلك اليوم الذي يأتي به الناس من الخارج ليعملوا في باكستان، وسنوفر بيئة توفر على الناس مؤونة السفر، والبحث عن الوظيفة في الغربة، وإنني لا أملك الآن شيئًا سوى الإعجاب بهؤلاء الباكستانيين الذين يعملون بجد، ويعيلون أسرهم ويرسلون تحويلات لباكستان تساعدنا في الأوقات العصيبة، إنه ذلك المال القادم من تحويلات الباكستانيين المغتربين، ليس لدي شيء لهم الآن سوى الإعجاب.

وإلى شعب المملكة العربية السعودية لدي رسالة؛ إن شعب باكستان يحب شعب المملكة، وسنتذكر دائما ونكرر أن حكومة المملكة العربية السعودية وقفت إلى جوارنا في الأوقات العصيبة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store