Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

ساكن الخان الأحمر يقاوم.. ولا يخون!

إضاءة

A A
كنت أتهيَّأ لكتابة إضاءة السبت؛ عن ملحمة الخان الفلسطيني الأحمر، الذي لا يستسلم، عندما جاءني صوت شقيقتي يبلغني بأن ابنها الطبيب اختار لمولودته الجديدة اسم يافا!

كان صوت السيد نكلس سلكيوتس، رئيس وفد البرلمان الأوربي، الزائر للخان الأحمر، مازال يرن في أذني وهو يقول: إن تدمير إسرائيل لقرية الخان الأحمر وترحيل سكانها، يعد انتهاكًا خطيرًا لمعاهدة جنيف، ويصل إلى درجة جريمة حرب.

هكذا غشيتني نوبة جديدة ومتجددة في عودة القدس نفسها، وليس يافا وحدها، أو الخان الأحمر وحده، وإنما كل قرى ومدن فلسطين.

كان موقف نكلس من الخان الأحمر، وقرار ابن شقيقتي بتسمية ابنته «يافا» يؤكدان عدم ضياع دماء كل الذين ناضلوا ويناضلون ضد المشروع الصهيوني المأجور.. من أطفال الانتفاضة إلى شهداء النور.

كنت أُحملق في الصور الآتية من الخان الأحمر، حين كان الأقصى يرسل عبر الخان بعض النهار، وبعض زهور الأمل المطرز بالاخضرار.. كان الخان يؤكد أنه لن يخون.

إنه الخان الفلسطيني الذي يريدونه يرتكس وينتكس.. فإن قاوم أو حاول الصمود، نصحوه بألا ينتعش وبأن ينكمش.. لأن الصمود في وجه صفقة القرن.. جنون ومس!

هناك في الخان الفلسطيني الأحمر لمحت جفونًا تقاتل.. زندودا تناضل.. سواعد تُحطِّم أسر القيود.. أظافر تتشبث بالأرض وتتمسك بضوء القمر بين الغيوب.

هنا على الطريق السريع بمحافظة القدس، وتحديدًا عند الكيلو ١ شرق عاصمة فلسطين، نتنسم رائحة الطين.. رائحة الأرض العميقة.. رائحة الزيتون وكل ثمار وأعشاب الحديقة.

الخروج من الخان الأحمر شأنه شأن كل الخروج من مدن وقرى فلسطين.. إنما يعني أن لا بيوت.. ولا ضفاف.. ولا تراب.. ولا رماد.. ولا خرائط تستعاد.

تأملت كثيرًا في سر الصمود الفلسطيني وقلت لشقيقتي: عندما تكبر «يافا» قولي لها إنك إذا ما مسكت الضوء تجيك الشمس وتهديك كتابًا، وإذا ما قرأت الموج يجيء الماء ويهديك أجمل نهر.. وإذا ما أحببت القدس فإنها ستهديك مستقبل وبهجة هذه الأرض.

أما شقيقي الفلسطيني في الخان الأحمر وفي كل القري والمدن المحتلة، فلا أملك وأنا أتسلَّم خبر إطلاق ابن شقيقتي اسم «يافا» لابنته إلا أن أقول له: اصمد واحتمل وقاوم ولا تساوم.. فإن راوغوك فلا مساومة.. اسمع معي صوت جدك رائد صلاح الدين وهو يُردِّد: المجد للمقاومة.

قاوم ولا تتوقف تحت أي ظرف وأي علة.. كل دعاوى الهدوء مضلة.. كل دعاوى التمهل أكاذيب حتى تتم المذلة.

ويا شمس مولودتنا الجديدة «يافا» أطلِّي علينا حتى تطل على فلسطين كل الأهلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store