Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الثقافة السعودية في مناهج التعليم الجامعي.. فكرة جديرة بالتنفيذ

No Image

تقترح والمختصون يدلون برؤاهم

A A
تزخر المملكة العربية السعودية بتنوع ثقافي هائل في مختلف المجالات الإبداعية والمكونات الثقافية من آداب وفكر وفنون وتراث وآثار، منطلقة في ذلك من المساحات الجغرافية الشاسعة لبلادنا الغالية حفظها الله، فنجد في كل منطقة، وفي كل محافظة، وفي كل مدينة وقرية، إرثًا ثقافيًا وإبداعيًا متنوع الأشكال ومتعدد الاتجاهات، يصب جميعه في خانة التميز، ما يحتّم علينا الاهتمام بهذا الإرث ومكوناته، والتي تجسّد ما تتمتع به المملكة من حضارة ثقافية تراثية أصيلة مستمدة عبر جذور عريقة وحضارات متعاقبة.

«المدينة» وفي ذكرى يوم الوطن الـ88 لبلادنا الغالية تطرح للنقاش، مع المثقفين والمختصين، فكرة طرح مناهج خاصة في التعليم الجامعي تهتم بهذا الإرث الحضاري الممهور بمكونات أصيلة، تأكيدًا على أهمية تقديمه للأجيال بصورة علمية جاذبة، ومن خلال قوالب دراسية متخصّصة، تعمّق الصورة المعرفية لمكوناتنا الثقافية والإبداعية والتراثية والحضارية، التي بالفعل تحتاج إلى الغوص في أعماقها بأسلوب علمي ممنهج، وتقديمها في أطر علمية لأجيال ربما الكثير منهم لم يعرف عنها إلا القليل.

وقد لاقى اقتراح «المدينة» تأييدًا من ضيوفنا، والذين أشادوا أولا بالفكرة، ومؤكدين على أهمية أن يكون في جامعاتنا وفي التعليم الجامعي بشكل عام، مقررات علمية أكاديمية لطلاب الجامعات، في كل التخصصات الثقافية بمكوناتها الفكرية والأدبية والفنية والتراثية والحضارية، مشيرين إلى أن ذلك -لو تم تطبيقه- فسيكون له أثر إيجابي كبير على الثقافة السعودية والوعي المعرفي، وسيسهم بشكل فاعل في تعزيز الانتماء الفكري والحضاري لدى طلابنا وناشئتنا.

النوعية والثراء

بداية يقول الدكتور عبدالرحمن المطرفي (رئيس تحرير مجلة الجامعة الإسلامية للغة العربية والعلوم الاجتماعية): «تحاول الشعوب -كل الشعوب- أن تكرّس ثقافتها الخاصة في أذهان الناس؛ من مواطنيها والوافدين إليها، وتبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس.

ومملكتنا الغالية حباها الله بإرث حضاري ضارب في جذور التاريخ، وبمنجزات ثقافية معاصرة تمتاز بالنوعية والثراء، ومن حقها إبراز ذلك وترسيخه في الأذهان بكل السبل والوسائل الناجعة.

وبات من الضروري اليوم أن تتبنى جامعاتنا تدريس ثقافة المملكة ومنجزاتها وريادتها العالمية، وأن تقدم ذلك ضمن مقرراتها في جميع مساراتها التعليمية؛ ليتربي طلابها على حب وطنهم والشعور بقيمته، والاعتزاز بالانتماء إليه، وتقدير تضحيات إنسانه».

أمر لازم

ويؤكد الدكتور عبدالله الزهراني (أستاذ الأدب والنقد في جامعة أمّ القرى) على أن دراسة مكونات الثقافة السعودية عمل رائد بل يفترض أن يكون جزءًا مهمًّا من متطلبات الجامعة»، مضيفًا: «إذ إن بعض التخصصات قد تكون بعيدة عن الوعي بذلك ومعرفته، وفي ظل الاحتفاء بالمنجز الوطني على كل أصعدته، يعد أمرًا لازمًا، ويشد على يد كل من ينشد الرفعة لوطنه وإنجازاته المهمة في المتغير العالمي».

مقررات اختيارية

ويكمل الدكتور أحمد العدواني (متخصص في الأدب الروائي): «ينبغي أن نتفق ابتداء على أن ترسيخ قيم المواطنة وتعريف الطلاب بثقافة وطنهم في مختلف المجالات واحدة من مهام الأستاذ الجامعي، بصرف النظر عن طبيعة التخصّص أو المقرر الذي يدرّسه، بحيث يكون متفاعلًا مع القضايا والأحداث والمناسبات الوطنية، فيخصص جزءًا من محاضرته لإدارة النقاش مع طلابه حول ذلك. وتبدو فكرة تخصيص مقرر للتعريف بالثقافة الوطنية مغرية جدًّا، لكنها ينبغي أن تكون متناسبة مع شخصية الطالب الجامعي وطبيعة المرحلة الدراسية، ولعلي أرى الطريقة الأمثل لذلك في وضع مقررات اختيارية في خطة كل قسم بالجامعة (مقررين دراسيين)، يدرسهما الطالب في أقسام الجامعة المختلفة ذات الصبغة النظرية، وفي المقابل تلزم تلك الأقسام النظرية بتصميم مقرر واحد يكون متاحًا ضمن المقررات الاختيارية لطلاب الجامعة؛ حيث تتضمَّن مفردات ذلك المقرر تعريفًا بالثقافة الوطنية (السعودية) بما يتناسب مع تخصّص ذلك القسم، فيكون لدينا مقررات اختيارية من قسم: علم الاجتماع، التاريخ، والأدب، والجغرافيا، القانون، السياحة والفندقة، التربية الفنية... إلخ. وعليه فإن الطالب يمكن أن يشبع شغفه، وتتسع معرفته بثقافة وطنه، بحسب المجال الذي يريد، دون أن يكون فيه إلزام بمقرر محدد».

ليس كافيًا

ويضيف الدكتور صالح زياد (أستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض) قائلًا: «ينبغي أولًا أن نتفق على أن غرس الشعور بالوطن، اعتزازًا به ووعيًا بمكوناته وإحساسًا عميقًا بوحدته، مسألة جديرة بالاهتمام ثقافيًّا وتربويًّا. وهناك أكثر من وجه للقناعة بأهميتها، فهناك وجهة ثقافية إيديولوجية مضادة للقيمة الوطنية في معناها الحديث، وهناك حاجة بالفعل إلى تدريس مقرر في الجامعة، عن الثقافة الوطنية، مقرر يُعنى بالتاريخ الوطني، والقيم الوطنية، ومكونات ثقافتنا الوطنية، وعلاقة الثقافة بغيرها من المكونات الوطنية»، مضيفًا: «لكن حصْر هذا الهدف كله في مقرر جامعي لا يبدو من وجهة نظري كافيًا، فبإزاء المقرر ينبغي أن تنشط الجامعات في الاحتفال بالثقافة، وهو احتفال ينبغي أن يأخذ أشكالًا محبّبة للطلاب وأعضاء الأسرة الجامعية، نشاط مسرحي، كرنفالات ومهرجانات وطنية، حفلات غناء، مسابقات إلخ. وليس شرطًا أن نحصر مثل هذه الفعّاليات في مناسبة اليوم الوطني، مع أن اختصاص اليوم الوطني بجزء مميَّز منها مطلوب، لكن لتكن على مدار العام، ليشعر طلابنا وطالباتنا في جامعاتهم أن في وطنهم فسحة وسعادة، وأن إحساسهم بوطنهم يجمعهم على المتعة والبهجة والوطنية».

ويتفق الدكتور نايف خلف (ناقد وفنان مسرحي) مع الآراء السابقة بأن يكون هناك مادة مخصّصة لجميع التخصّصات، وتكون إلزامية في المستويات الأولى لطلبة الجامعة تحقق ارتباط الطالب بثقافته ومكوناتها.

ولكنه يعتبر أن ثقافتنا السعودية لم تكن يومًا من الأيام بعيدة عن المناهج الدراسية في جامعات المملكة، بل هي جزء أساسي في كثير من التخصصات، مضيفًا: «على مستوى الأدب والشعر كتخصّص نجدها حاضرة في أدب وشعر وفنون السرد السعودي ورموزه، وعلى مستوى الإعلام نجد الإعلام السعودي حاضر في عدد من المواد التي تدرس، والقول ينطبق على تخصّصات التاريخ وعلم الاجتماع وكذلك على مستوى كليات مثل السياحة والآثار والتربية والدراسات الإسلامية وغيرها، فالارتباط قائم بين الثقافة السعودية بمكوناتها ومقررات التعليم الجامعي في المملكة على مستوى الكليات الإنسانية».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store