Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

"دواء يعمل وآخر لا يعمل"!

بانوراما

A A
بالرغم من الاكتشافات العظيمة التي تحققت في مجال الأبحاث الطبية، إلا أن هناك مَن يُشكِّك في نتائج تلك الأبحاث، والأُسس العلمية القائمة عليها، والتي أصبحت من المسلَّمات في وقتنا الحاضر. فعلى سبيل المثال، نجد مَن يقول: إنه يمكن استخدام الأعشاب الطبيعية كعلاج؛ بدلاً من الذهاب إلى الطبيب المختص، وآخر يدّعي أن هناك أشخاصاً لديهم القدرة على علاج الأمراض، أو أن هناك خلطة من الأعشاب تُستخدم لعلاج الضغط، وأخرى للقلب، وثالثة للشرايين، ورابعة للمفاصل.. الخ.
استخدام هذا النوع من العلاج، وهو ما يُسمَّى بالطب البديل، بدون رقابة أو استشارة طبية، تُسبِّب الكثير من المعاناة لبعض المرضى، وصعوبة علاجهم نتيجةً لتأخُّر عرضهم مبكراً على الطبيب المختص، واحتواء المرض في مراحله الأولى. هذا النوع من العلاج، يقوم عادةً على أساس تاريخي أو تقاليد ثقافية متوارثةً بدلاً من العقاقير والأدوية الخاضعة للتجارب والأبحاث الطبية. وفي حقيقة الأمر غاب عن هؤلاء أن الاكتشافات الطبية كانت السبب بعد الله في القضاء على كثير من الأمراض، كالجدري وشلل الأطفال وغيرها. والغريب أن التشكيك في نتائج البحث العلمي عند البعض، لا علاقة له بالوعي، أو نوع المجتمع، أو حتى معتقده، فلازلتُ أتذكَّر مقابلة قرأتها في مجلة المجتمع الأسبوعية، التي كانت تصدر في مقاطعة ويلز، أيام البعثة وكانت مع أحد أعضاء هيئة التدريس في قسم المناعة والأدوية بإحدى كليات -علوم الحياة- في إحدى الجامعات البريطانية، ذكر أنهم يُعانون من الذين يُشكِّكون في نتائج البحث العلمي، بحجة أن ما يُصرف عليه من ميزانيات ما هو إلا هدر للمال الذي يُؤخذ من الضرائب، والأدهى -والكلام لعضو هيئة التدريس- أنهم يقيمون لذلك الندوات واللقاءات، لحث المجتمع نحو الطب البديل، وأنهم كوَّنوا مجموعات ضغط على الحكومة البريطانية حتى أصبحت المشاريع البحثية والعلماء والباحثون مُحاربين، وتحت ضغط تخفيض ميزانية الأبحاث العلمية. وذكر أن الجامعة بسبب ذلك عقدت الكثير من المؤتمرات العلمية، شارك فيها كبار العلماء والباحثين، وتخلَّلته ندوات خُصِّصت للعامة وطلبة المدارس، يُقدّم فيها شرح مُبسَّط لأهمية البحث العلمي في تقدُّم المجتمع وازدهاره. ومن أجمل ما قيل بخصوص الطب البديل، تصريح للبروفسور (ريتشارد ديكينز) أستاذ الفهم العام للعلوم في جامعة إكسفورد قال فيه: «لا يوجد أي دواء بديل، ولكن يوجد دواء يعمل وآخر لا يعمل». ومن الملاحظ أن التشكيك في نتائج الأبحاث لم يكن حصراً على المجال الطبي فقط، فلا زلنا نتذكَّر العالم الفيزيائي الفذ البرفسور (نيل ديكنز تايسون) وما بذله من مجهودات في الرد على المُشكِّكين في كروية الأرض، والهبوط على سطح القمر، وبعض قوانين الفلك. وأخيراً، إن التقدم العلمي الهائل في مجال الخلايا الجذعية في الصين في وقتنا الحاضر مقارنةً بأمريكا على سبيل المثال، كان من أحد أسبابه معارضة شريحة من المجتمع الأمريكي مِن المُتشدِّدين بحجة أن هذا النوع من الأبحاث يتعارض مع معتقداتهم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store