Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

«رحم الله من أهدى إليّ عيوبي»

A A
· «المملكة ليست مثل الدول الأخرى التي بها حصانة لمسؤوليها، وإنما يستطيع أي أحد أن يقدم شكوى في أي أحد، كما فعل الملك المؤسس عبدالعزيز وجميع ملوك المملكة. رحم الله من أهدى إليّ عيوبي. إذا شفتوا شي يضر بدينكم أو وطنكم أو المواطنين فالله يحييكم».

· بهذه الكلمات المختصرة والبليغة جدد خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- الأسبوع الماضي منهجين سعوديين أصيلين ومهمين في العدل والشفافية.. هما تساوي الجميع أمام القضاء، فلا حصانة لأحد أمام القضاء كائناً من كان (وهذا ما تجسَّد واقعاً مشاهداً أمام العالم كله في عهده يحفظه الله).. وكذلك تساويهم أمام النقد الصادق.. فالكل يستطيع أن يقول رأيه في المسئول وفي أداء مؤسسته، وهما مبدآن يعرف الجميع أنهما من أهم مناهج خادم الحرمين الأساسية في العمل والتنمية.

· هذه المبادئ الملكية التي تعبر عن إرادة حقيقية وصادقة في العدل والنماء والحفاظ على الوطن، يجب أن تكون نبراساً؛ ومنهج عمل لكل موظف وعامل في هذه البلاد أياً كان موقعه، ومهما كان حجمه وحجم مسئوليته، بدءاً من الوزراء وانتهاء بأصغر موظف في القطاع الخاص.. لا أحد فوق النظام، ولا أحد أيضاً فوق النقد والمساءلة. كل المؤسسات الحكومية وكل المسئولين يجب عليهم إدراك أن تقبُّل النقد (بوسائله المختلفة) هو جزء أساس من عملهم، إن أخطأوا أو قصّروا.. وأن محاولات تكميم الأفواه؛ واستعداء النقاد (إعلاميين أو حتى مواطنين عاديين) هو أمر يتنافى مع أبسط قواعد مهامهم، فضلاً عن أنه أمر لا يليق بعهد الملك سلمان، الذي أكد -وفقه الله- أهمية النقد في حديثه الأسبوع الماضي عندما قال: « إذا شفتوا شي يضر بدينكم أو وطنكم أو المواطنين فالله يحييكم». إنه تفويض ملكي يعطي الحق لكل مواطن بالإبلاغ عن أي تقصير في أي جزء من أجزاء الدولة.

· لا أخشى على رؤية (المملكة 2030) إلا من بعض مسئولين ما زالوا يعتبرون النقد مشكلتهم الأكبر، يفضلون أن يقضي عليهم التطبيل والمديح على أن تنقذهم الشفافية والصدق!، مثل هذه العينات (وهي قليلة ولله الحمد) لا تخالف أبسط مبادئ الإدارة فقط، بل تخالف أيضاً منهج القيادة العليا صراحة، حين تثبت انفصالها عن واقعها، وعيشها بعيداً عن تطلعات ورؤى قادتها، وهذا يكفي للدلالة على عدم جدارتها باحتلال هذه الأماكن أصلاً.

· ليس ثمة ما هو أسوأ من ارتكاب خطأ إلّا محاولة التعتيم عليه بدلاً من إصلاحه!!.. الوقوع في الخطأ ليس عيباً، وانتقادك من قبل الآخرين ليس عيباً أيضاً.. العيب الحقيقي هو انشغالك عن إصلاح أخطائك بتهديد من ينتقدونك، ومحاولة تكميم أفواههم في زمن ملك صالح؛ يقول لمواطنيه علانية: «رحم الله من أهدى إليّ عيوبي».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store