Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

لقمة التعليم تكفي أمّة!

A A
طالعتنا جريدة المدينة مؤخراً بخبر قرار وزارة التعليم حول إمكانية استفادة القطاع التعليمي الخاص من أراضي المرافق التعليمية الحكومية، بهدف إنشاء مدارس حديثة عليها، وفق ضوابط مُعيّنة تُشرِف على تطبيقها الوزارة.

وهو قرار مناسب في المكان المناسب والزمان المناسب، لأنّ الحاجة إلى مدارس حديثة تنمو باطّراد، وعدم توفّر أراضي فضاء في المناطق المحتاجة لمدارس؛ هو عقبة أساسية وكُبْرى وتحول دون إكمال عِقْد سُبحة المدارس المطلوبة.

والقرار قد يحلّ مشكلة بطء إنشاء المدارس فيما لو كانت وزارة التعليم هي التي تبنيها مباشرة، بسبب البيروقراطية ونظام المناقصات العامّة غير المرن مقارنةً بما في جعبة القطاع الخاص من أنظمة، كما يُقلّل من ظاهرة تحويل المباني السكنية من قبل هذا القطاع إلى مدارس، مع ما يتبع ذلك من سلبيات كثيرة تُؤثّر على السلامة والازدحام المروري والتشويه البصري للأحياء والشوارع التي تقع فيها المباني السكنية.

وفي اعتقادي، فإنّ القرار هو أفضل استثمار تستثمره الوزارة في أراضيها غير المُستفادة منها، والتي تحوّلت معه لأراضي جرداء وسط مدن مكتظّة بالسُكّان، وليتها اتخذته في الماضي، وانتهجته ديدناً دائماً لها، وأن تأتي الوزارة مُتأخرة خيرٌ من ألّا تأتي على الإطلاق، ولعلّ كلّ تأخيرة تكتنف بين ثناياها على خير وخِيرة، وتكون درساً بليغاً للأجيال القادمة بأهمية التفكير الإبداعي والابتكار، وضرورة التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص، ليس في مجال التعليم فقط، بل في كلّ المجالات التنموية، وهذا هو التعاون المطلوب تحقيقه وإثباته.

لكن، وما أدراكم ما لكن؟، إنَّ أخشى ما أخشاه من القرار هو نتيجة العوائد المالية المُحتملة التي سيدفعها القطاع الخاص للوزارة مقابل الاستفادة من أراضيها، فترفع المدارس الخاصة أسعارها مثنى وثُلاث ورُباع، وأكثر ممّا هي مرتفعة أصلاً، لتغطية العوائد ونسب أرباحها، فتكسب الوزارة كثيراً، وتكسب المدارس الخاصّة كثيراً، ويتضرّر أولياء أمور الطُلّاب والطالبات كثيراً، وهم يُعانون -حتّى قبل اتخاذ القرار- من ارتفاع تكلفة المدارس، فما بالكم إن رفعت المدارس أسعار تكلفتها؟، وليت الوزارة تُراعي ذلك، وتحوّله لاستثمار لا ضرر فيه ولا ضرار، يقوم على أسس تعليمية صرْفة، خالصة لوجه الله ثمّ للوطن، بما يجعل أراضيها مثل الأوقاف، تعود بالخير علي الأجيال القادمة.. إلى متى؟ إلى يوم الدين، ما المانع؟.. لا يوجد مانع، فإن حسُنت النية فإنّ لُقمة التعليم تكفي أمّة.!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store