Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالله الجميلي

مديونير من مهده إلى لحده

ضمير متكلم

A A
* (ارتفعت القروض الاستهلاكية وقروض بطاقات الائتمان التي تمنحها المصارف السعودية للأفراد خلال الربع الثاني من عام 2018م إلى «332,3 بليون ريال»، في مقابل «326 بليون ريال» للربع الثاني من العام الماضي، وذلك بزيادة نسبتها «2,02%»، فيما زادت تلك القروض بنسبة «1,02%» عن القروض الاستهلاكية خلال الربع الأول من العام الحالي، البالغة 329 بليون ريال، هذا وقد ارتفعت تلك القروض عما كانت عليه خلال 1998م، البالغة (45 بليون ريال)، بنسبة تجاوزت «640%»)، هذا ما نقلته «صحيفة الحياة» الأسبوع الماضي!.

* تلك القروض الاستهلاكية إذا أضفنا لها ما يكون عند طريق هَوامير التقسيط بِـصُـوَرِه المختلفة سواء كانت سيارات أو بطاقات شَحن الهواتف المحمولة أو غيرهما، والتي يكثر فيها تعَثّر المَدِيْنِيْن بشهادة إعلانات أوامر محاكم التّنفيذ التي تملأ يومياً عشرات الوَرَقَات من الصُّحُف المحلية سنكون أمام أرقام كبيرة، وأزمة وكارثة حقيقية يعاني منها المجتمع السعودي!!.

* وهنا إذا كان هناك فئة محدودة مُدْمِنَة للقروض في بحثها عن الكَمَالِيّات كالسياحة الخارجية والمَركبات الفاخرة؛ وهذه تحتاج إلى توعية بثقافة الاستهلاك؛ فإن أغلب قروض مجتمعنا ليست تَرَفَاً، وإنما تأتي من حَاجة وضرورة تَفرضها الظروف المعيشية.

* فالمُواطن السعُودي يبدو كائناً غريباً مع القروض التي لا تنتهي بِمَوْتِه وسُكْنَاه اللّحد، بينما تبدأ معه من المَهْد بل حتى قبل ذلك، فوَالِده إنما أتَمّ زوَاجَه من أُمِّه بالتقسيط من هنا وهناك، ثُم بعد ولادته كانت كُلّ متطلبات معيشته بما فيها الحليب الذي يرضعه بالدَّيْن الشهري من البِقَالَة أو السوبرماركت المجاور!.

* وبعـد مسافة من عـمـر ذلك الـطّـفــل المَدْيُـوْنِـيْـر، ودخوله مرحلة الإدراك سيعرف أن سيارة أبيه التي يمتطيها إنما جاءت مـن قَرض بَنْكِي، أيضاً ستكون حكايات القَرض التَكْميلي حاضرة دائماً على مائدة نِقَاشَات أُسْرته!.

* تَمضي سنوات العُمر بذاك الطّفل مَروراً بمحطات متفرقة من القروض احتاج لها أبـوه ليستطيع توفير ما يحتاجه هو وإخْوته، ِلِيَكْبُرَ بعدها، ويبدأ بنفسِه دورة جديدة من القروض إياها، ولكن ستنضم لها تلك التي الْتَزَم بها وَالِده رحمه الله، وعليه سَدادها عنه!.

* صَدقُوني تلك حَال طائفة أو شريحة كبيرة من المجتمع السَّعُودي؛ وذلك لأسباب منها: عدم تناسب الدّخول والرواتب مع المصروفات الحَياتيّة، وارتفاع الأسعار جداً، وغلاء الإيجار كذلك، والمواطن لايجد لمواجهة كُلِّ تلك الأعباء إلا الدّيُون والقُروض، وهي بالتأكيد هَمٌّ في الليل وذُلٌّ في النهار، كما أنها تهَز الأمن المجتمعي وأركان الأُسرة بما يترتب عليها من ملاحقات قضائية وزيارات للسُجون؛ وهذا أراه يتطلب لجنة أو هيئة عليا من المؤسسات المعنية؛ مهمتها دراسة جادة لتلك الأزمة؛ والبحث لها عن حلول ومعالجات عمليّة قابلة للتطبيق!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store