Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الجريمة في تهجير أهل المدينة!

الحبر الأصفر

A A
«سفر برلك»، أَو مَا يُعْرَف بالتَّهجير القَسْرِي لأَهل المَدينَة، وإجلَائِهم مِنهَا، الوَاقِع بَين عَامي 1334-1337هـ، مِن الأَحدَاث والحَوَادِث المُهمَّة؛ فِي تَاريخ المَدينَة المُنيرَة عَبر العصُور، وقَد تَعدَّدت الأَهدَاف والأَسبَاب، والرِّوَايَات والقصَص، حَول هَذا التَّهجير، هَل هو مِن بَاب الخَوف؛ عَلَى أَهْل المَدينَة مِن المَجَاعَة؛ إبَّان الحَرب العَالَميَّة الأُولَى، أَو هو مِن بَاب «تَتريك المَدينَة»، حَيثُ تَقوم السُّلطَات العُثمَانيَّة بتَرحيل أَهل المَدينَة، وجَلْب أَترَاك بَدلاً عَنهم..!

فِي عَمليّة الإجلَاء، أَو مَا يُسمَّى «سفر برلك»، حَدَثَت مَصَائِب كَبيرَة، وأَحدَاث خَطيرَة، مِن أَهمّهَا مَا ذَكره الدّكتور «سعيد طولة» فِي كِتَابه: «سفر برلك وجلَاء أَهْل المَدينَة»، حَيثُ يَقول فِي الصَّفحَة (375): (إنَّ مِن أَعجَب صَنَائِع «فخري باشا»، وأَشَد مَا عُوتب فِيهِ، ولَامه النَّاس عَليهِ، وأُثيرَت حَوله الأَقوَال، نَقْلَه للذَّخيرة والعِتَاد الحَربي، إلَى الحَرَم النَّبوي الشَّريف، لِذَا يَقول السيِّد «أحمد بن مصطفى صقر»، فِي ذَلك: «وكَذَلك القُوَّاد، فإنَّهم يُصدِرُون فِي الصَّبَاح أَمراً، ويَنقضُونَه فِي المَسَاء»)..!

ثُمَّ يَقول الدّكتور «طولة» فِي صَفحَةٍ أُخرَى: يَقول السيِّد «عثمان حافظ»: (وكُلَّمَا وَصَلَ عِتَادٌ حَربي، وَضعُوه فِي المَسَاجِد الأُخرَى، إلَى أَنْ امتَلَأَت مُعظم مَسَاجِد المَدينَة؛ بالرُّصَاص والقَنَابِل والأَسلِحَة، لاعتقَادِهم أَنَّ المَسَاجِد لَن تَكون هَدفاً للغَارَات الجَويَّة)..!

كَمَا يُؤكِّد ذَلك الأُستَاذ «محمد حسين زيدان» بقَولهِ: (إنَّ فخري باشا؛ جَعَلَ المَسجِد النَّبوي مُستودَعاً للذَّخيرَة، لأنَّه كَان يَخَاف مِن أَنْ تُلقِي طَائِرَات الإنجلِيز -حُلَفَاء العَرب حِينذَاك- قَنَابلهَا عَلَى القَلْعَة، فكَان مِن حَمَاقة الرَّأي، أَنْ جَعَلَ مِن شَمَال المَسجِد النَّبوَي مُستودَعاً للذَّخيرَة، ولَم يَحسب حِسَاباً لقَائِد الطَّائِرَة الإنجلِيزي، الذي إذَا مَا أَرَاد أَنْ يُدمِّر الذَّخيرَة، فإنَّه لَا يَسأَل عَن المَسجِد)..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقَي؟!

بَقي القَول: هَذه صُورَة مِن الصّور؛ التي تَركهَا الأَترَاك فِي المَدينَة المُنوَّرة، ومَن يُنقِّب فِي أَحدَاث «سفر برلك»، سيَجد العَجَب العُجَاب؛ فِي ثَنَايَا تِلك الحَادِثَة المُؤلِمَة، التي مَازَال أَهْل المَدينَة يَتذكَّرونهَا بكَثيرٍ مِن الأَلَم، وبِوَافِرٍ مِن الذِّكريَات المُؤسِفَة..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store