Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد خضر عريف

حماية المواطنين من «الهكرز»: مسؤولية من؟!

والسؤال الكبير الذي نطرحه في هذه المقالة: من يتحمل المسؤولية في حماية المواطنين من هؤلاء المجرمين المحترفين الذين تكرر أذاهم وفاق خطرهم خطر اللصوص وقطّاع الطرق ومقتحمي البيوت والبنوك؟ أعتقد جازماً أن السلطات الأمنية ليست غافلة عنهم ولا مقصرة في تتبعهم، وتولي اهتماماً كبيراً لما بات يسمى بالجرائم الإلكترونية

A A
قبل أسبوعين أو يزيد تمكن أحد المجرمين المسمين «بالهكرز» من اختراق (الواتس أب) الخاص بي، وكان ذلك في الساعة الثانية عشرة والنصف من ظهر يوم جمعة أي وقت صلاة الجمعة بالضبط، والإمام يخطب على المنبر، وأحسست بأمر مريب حين لم يتوقف هاتفي الجوال عن الاهتزاز طوال وقت الصلاة، ما صرف انتباهي عن كثير مما قاله الإمام ولله المشتكي، وانطلقتُ بعد الصلاة مباشرة لأفتح الهاتف وأتلقى سيلاً من الاتصالات من الأحبة والأقارب وكل منهم ينبهني أن (واتسي) تهكَّر، لأن شخصاً ما انتحل شخصيتي وتحادث عن طريق الواتس معه، وطلب منه إيداع خمسة آلاف ريال باسم شخص ما في المغرب، وادعى عن لساني أني تلقيت شحنة من المغرب، ولا أستطيع الذهاب بنفسي إلى شركة تحويل الأموال هذه، والغالب الأعم أن الأصدقاء والأقارب أدركوا أن ذلك لا يمكن أن يكون أسلوبي، فقد كانت الكتابة ضعيفة وركيكة وعامية، وهو ما لم يتعودوه مني ولا يمكن أن تكون كتابة مختص في اللغة العربية، وعددٌ قليل منهم وقع في الشَّرَك بحسن نية وحوَّل المبلغ المطلوب إلى ذلك المجرم، بحكم تقديره الكبير لي وحبه، دون أن يدقق في فحوى المحادثة أو مستوى لغتها. وفور علمي بالطبع بادرت إلى إبلاغ الشرطة وسجلتُ بلاغاً رسمياً بالحادثة بكل تفاصيلها ووجدت تعاوناً لافتاً من قسم الشرطة، وسرّني أن البلاغات أصبحت تسجل إلكترونياً، ووصلتني رسالة برقم البلاغ وتاريخه. الخطوة التالية كانت التواصل مع شركة (واتس أب) عن طريق الإيميل وكانوا يرسلون لي (كودات) لأستخدمها وأعيد الخدمة لي وأقطعها عن المجرم، ولعدة مرات تمكن -قاتله الله- من أن يسبقني إليها، حتى تمكنت بعد عناء شديد من سحب الواتس منه بعدما يقرب من عشرين ساعة كانت كافية له ليحادث عدداً كبيراً من معارفي طمعاً في أن يستجيب له أكبر عدد منهم، وكان يلزمني وقت طويل يصل إلى عشر ساعات لأرسل رسائل نصيَّة لعدم وجود الواتس لكل الأسماء في هاتفي التي تصل إلى ألف وثمانمائة اسم، واستغل الجاني تلك الساعات في مواصلة المحادثة وتمكن من خداع عدد قليل من الأصدقاء.
وما حصل لي حصل لعدد كبير من معارفي وزملائي كما علمت منهم شخصياً ومعظمهم من أساتذة الجامعات والدكاترة والمسؤولين والمشاهير، وكأن هناك عصابة تعرف ضحاياها المستهدفين في مجتمعنا، فلا تضيع وقتها مع عامة الناس لأن احتمال وجود أصدقاء لهم من ميسوري الحال قليل، والسؤال الكبير الذي نطرحه في هذه المقالة: من يتحمل المسؤولية في حماية المواطنين من هؤلاء المجرمين المحترفين الذين تكرر أذاهم وفاق خطرهم خطر اللصوص وقطّاع الطرق ومقتحمي البيوت والبنوك؟، أعتقد جازماً أن السلطات الأمنية ليست غافلة عنهم ولا مقصرة في تتبعهم، وتولي اهتماماً كبيراً لما بات يسمى بالجرائم الإلكترونية، وفي الوقت نفسه أعتقد أن هناك تسيباً حقيقياً في أنظمة بعض شركات تحويل الأموال ومنها هذه الشركة التي لا أريد ذكر اسمها الكبير جداً كي لا يعتبر ذلك تشهيراً بها، فقد علمت أن التحويل فيها يتم عن طريق ذكر اسم المستفيد فقط في الدولة المحوَّل عليها، وهي المغرب، كما حصل معي ومع كل زملائي وأصدقائي الذين تعرَّضوا لاختراق الواتس لديهم. فلابد من مساءلة هذه الشركة أو التعميم على كل الشركات بعدم التحويل بالأسماء فقط، دون بيانات كافية وتفصيلية للمستفيد ورقم حسابه وما سواه وبالذات في دولة بعينها كالتي ذكرتها لتكررعمليات التحايل فيها، وبدون إجراءات كتلك سيبقى الحبل على الغارب وسيستمر «المهكِّرون» في النهب والسلب.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store