Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

هل تملك جامعاتنا هويات تنموية؟!

A A
• باستثناء جامعة البترول والمعادن (التي تأسَّست كإحدى متطلبات صناعة النفط في بلادنا) يمكن القول: إن جامعاتنا السعودية التي يزيد عددها على الثلاثين تُعاني من فقدان مؤسف للهوية؛ ساهم في تقليص أثرها التنموي والمجتمعي بشكلٍ كبير، والتعميم هنا مقبول، فإذا كانت معظم جامعات العالم تتمايز فيما بينها بحسب بيئاتها الجغرافية والاقتصادية والسكانية، سواء كانت بيئة زراعية أو صناعية أو بحرية أو معدنية، فتصنع لنفسها هويات علمية وبحثية تساهم في تنمية بيئاتها ومجتمعاتها المحلية، وتشكل بالتالي نسيجاً وطنياً تنموياً جميلاً وغنياً يثري الأمة كلها، فإن جامعاتنا الموقرة تكاد تكون نسخة مكرورة من بعضها، لا فرق يُذكر بينها إلا في الحجم والعمر، ولعل هذا يأتي كنتيجة حتمية للروتين البيروقراطي في وزارة التعليم الذي يربط كل الجامعات بنظام واحد، يعتقد أن المساواة تعني العدل، فيقيّد المختلف ويحد من طموح المتميز!.

• في المجتمعات المتقدمة لا تقف مهمة الجامعات عند الجوانب التعليمية فقط.. بل عليها المساهمة في حل مشكلات مجتمعاتها، وقيادة التغيرات والتحولات الضخمة فيها، والمتأمِّل لجامعاتنا يجدها عاجزة للأسف عن حل مشكلاتها الداخلية، فضلاً عن الاهتمام بمشاكل مجتمعاتها.. فبغض النظر عن بعض (الهياط الأكاديمي) و(البحوث المشبوهة) التي يُراد بها رفع ترتيب الجامعة الأكاديمي، لا نكاد نجد خبراً واحداً لابتكار أو تجربة أو بحثاً أنتجته جامعة سعودية حول مشكلة من مشكلات مجتمعنا، الذي تعصف به المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من كل جانب!

• تقوقع مؤسف ومخيّب، يدفعنا للتساؤل حتى وإن كنا نعرف الإجابة: هل لقيود وبيروقراطية وزارة التعليم دور في ألّا تشارك جامعاتنا وأساتذتها وباحثوها ودارسوها في إيجاد حلول لمشكلات يُعانون منها مثلما يُعاني منها بقية المجتمع، مثل الإسكان والبطالة والتطرُّف والبيروقراطية وارتفاع نسب الطلاق؟! وهل ترك الجامعات السعودية لمهامها البحثية ومهمة إعداد الأجيال للتعامل مع مشكلاتنا المزمنة مثل تناقص المياه والهدر والتصحُّر إلى آخر مشكلاتنا الممتدة من الاقتصاد وحتى الثقافة تعود لفقدانها أصلاً لهوياتها المجتمعية؟! ولماذا لا تلزم الجامعات بعقد شراكات مع جهات حكومية مثل الصحة والإسكان والزراعة والعمل والبلديات، بدلاً من وقوفها على الحياد من كل هذه المشكلات؟!

• إن التخلص من بعض القيود والمعيقات البيروقراطية والمالية، ومنح الجامعات المزيد من الفرص للتمايز والاختلاف والتنافس فيما بينها بناءً على اقتصاديات مناطقها وبيئتها البحرية أو الزراعية أو حتى الدينية، وإنعاش ثقافة الاستطلاع والبحث العلمي الأكاديمي بها وتشجيعها وتحفيزها لحل مشكلات مجتمعاتها المحلية، بات أمراً ملحاً وضرورياً لكي تساهم جامعاتنا فعلياً في التنمية، بدلاً من الاكتفاء بتعليم الطلاب وإلقائهم على رصيف البطالة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store