Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

الترشيد قبل التبديد!

A A
من عادة اليابانيِّين وهم خارج بلدهم؛ زيارة المتاحف والمباني الأثريَّة والأسواق، بدءًا بمراكز التسوُّق، التي تنال منهم الكثير من العناية والتوثيق بآلة تصوير هواتفهم الذكيَّة. فيبدأون بتصوير المبنى من الخارج والداخل، ومن ثمَّ حركة المتسوِّقين والمتجوِّلين فيه، وقاصدي مطاعمه ومقاهيه. ومن بعد ذلك، يُصوِّرون واجهات المعارض وما فيها من نماذج المعروضات. ثُمَّ يقصدون (السوبر ماركت) للتعرُّف على ما فيه من متطلَّبات الأسرة، وأسعار المنتجات المحلِّيَّة والمستوردة، ومقارنتها بمثيلاتها في اليابان وبلدان زاروها.

صديقي الياباني زار مؤخراً مركزًا تجاريًّا في مدينة جدَّة مساء يوم خميس، وقصد السوبر ماركت مباشرة. استرعى انتباهه الازدحام... وكلُّ واحد من المتسوِّقين يدفع أمامه إلى الصندوق عربة تسوُّق مليئة بالعديد من لوازم البيت والمائدة، بقيمة قدَّرها بنحو ألفي ريال سعودي، كما شاهدها في لوحة المحاسب الإلكترونيَّة! عرف مَن صديقٍ له أنَّ الأسرة غالبًا تتسوَّق من السوبر ماركت مرَّة واحدة كلَّ أسبوع على الأقل، باستثناء حاجات ضروريَّة سريعة من أقرب (ميني سوبر ماركت). ولاحظ أنَّ قلَّة من المتسوِّقين تحمل قائمة بطلباتها التي تكفي أسرتهم لأسبوع دون إسراف وهدر.

ذكر لي صديقي الياباني أنَّ ربَّة البيت لديهم هي التي تتولَّى الصرف والمشتريات ليومٍ بعد يوم، وعلى قدر ما يمكن استهلاكه في اليوم ذاته، وفي حدود الميزانيَّة المرصودة للمشتريات. وهكذا يمكن التغلُّب على الغلاء وترشيد الإنفاق والاستهلاك. وقال بأنَّ المؤسَّسات الصناعيَّة والإنتاجيَّة في بلده؛ توفِّر للعاملين فيها الكثير من السلع الضروريَّة -على تعدُّد أشكالها- بسعر تكلفتها، ممَّا يساعد العمَّال ذوي الدخل المحدود على تحمُّل تكاليف المعيشة. وبالخجل المعروف عن اليابانيِّين من احمرار خدودهم عندما يتحدَّثون عن عادات سواهم من الشعوب وتقاليدهم، أضاف بأنَّ على المجتمعات -وهي تدخل عالم التقنية والتصنيع- أن تتَّبع قاعدة ترشيد الإنفاق والاستهلاك، والعمل على تحقيق وفر شهريِّ يُدَّخر لمجابهة عاديات الزمن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store