Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

مزادات بيع المناصب!

ويبدو أن الطريق شائك أمام رئيس الوزراء العراقي الجديد، ليس في تشكيل الوزارة الجديدة فقط، وإنما حتى في مساره المستقبلي، فائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، اتهمت رئيس الوزراء الجديد "عادل عبدالمهدي" بالعمل وفق مزاجيات بعض الكتل السياسية، وأن ليس لديه برنامج حكومي يعمل عليه، هكذا حكموا عليه قبل أن يُشكِّل وزارته!

A A
لم أُصدِّق زميلي الصحافي السوداني «سيد خليفة» يرحمه الله، عندما قال لي -ونحن نتجول في أسواق العاصمة الصومالية مقديشو-، بأن هناك جوازات سفر صومالية تُباع في السوق الشعبي، حتى رأيتُ هذا بعيني، جوازات سفر جاهزة مختومة بختم وزارة الداخلية الصومالية، وما على المشتري سوى أن يضع صورته في المكان المخصص، ويحفظ اسم المستخرج باسمه الجواز! داعبتُ يومها البائع قائلاً: «أريد جواز سفر دبلوماسياً». لم تكُن الأسعار عالية، إذ تتراوح ما بين 10 دولارات إلى 30 دولاراً، وقابلة للتفاوض، وأدركتُ فيما بعد بأن العملية ليست خاصة بالصومال، بل ومتفشيَّة في أكثر من بلدٍ عربي وآسيوي.

تذكَّرت هذا وأنا أُطالع استهلالات الصحف العراقية وبعض المواقع، التي تتحدَّث عن بيع المناصب الوزارية في عهد الحكومات التي تعاقبت على العراق الشقيق، بعد زوال حكم الرئيس «صدام حسين»، وأن سعر الكرسي وصل إلى 20 مليون دولار، هذه هي المعضلة التي تُواجه رئيس الوزراء المكلَّف عادل عبدالمهدي، حيث إن الأحزاب السياسية فتحت أبواب المزاد، والضمانات، مقابل ترسية المنصب تتطلب 5 ملايين دولار كحد أدنى، أما وزارات الكهرباء والتجارة والتربية، فيتطلب الحصول عليها من 10 إلى 20 مليون دولار، وقيل بأن أحد المرشحين دفع لقيادات المحور الوطني 12 مليون دولار مقابل وزارة التربية، وشخصية أخرى دفعت 16 مليون دولار مقابل الحصول على وزارة الكهرباء.

وعلى ذمّة السيد «علي البدري» من تيار الحكمة المُقرَّب من رئيس الوزراء الحالي، فإن الأحزاب السياسية في ظل الحكومات التي تعاقبت على العراق، كانت تأخذ المنصب الوزاري، ومن بعدها تقوم ببيع المنصب بمزادٍ علني داخل الحزب، ومَن يدفع أكثر يحصل على المنصب، وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء قد أبلغ القوى السياسية بعدم التمسُّك بالمناصب الوزارية، وعدم ترشيح شخصيات ممَّن تسلَّموا مناصب في حكوماتٍ سابقة، لأنهم لم يستطيعوا تقديم خدمات للواقع الخدمي والصحي والتعليمي، إلا أن الأمور لا تسير في الطريق الذي رسمه لنفسه، وهي ليست المرة الأولى، فالنائب في التحالف الوطني «كاظم الصياد» قال في تصريح صحافي: «إن هناك بيعاً وشراءً للمناصب الحكومية، مثل منصب (مدير عقارات الدولة) وبعض المناصب في وزاراتٍ أخرى بمبالغ كبيرة». يُؤيِّد ذلك النائب الكردي وعضو لجنة الأمن والدفاع «شاخوان عبدالله»، إذ يقول بأن هناك حالات فساد ومتاجرة بالمناصب والرتب العسكرية التي تُباع بمبالغ مالية كبيرة تصل إلى نصف مليون دولار.

ويبدو أن الطريق شائك أمام رئيس الوزراء العراقي الجديد، ليس في تشكيل الوزارة الجديدة فقط، وإنما حتى في مساره المستقبلي، فائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، اتهمت رئيس الوزراء الجديد «عادل عبدالمهدي» بالعمل وفق مزاجيات بعض الكتل السياسية، وأن ليس لديه برنامج حكومي يعمل عليه، هكذا حكموا عليه قبل أن يُشكِّل وزارته!، وهكذا تفعل التيارات في الدول التي تكثر فيها الأحزاب، ولبنان أكبر شاهد على ذاك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store