Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

دولة الرئيسة "سهل" ووزيرة الدفاع عائشة

A A
يخطئ من يظن أن إثيوبيا عندما اختارت امرأة رئيسة لها إنما كانت تسابق دولًا أخرى خطت نفس الخطوة.. فإذا ما أضفت لذلك أن أخطر حقيبة وزارية تتقلدها امرأة وأهم منصب تشريعي تتصدره امرأة ستوقن أن الأمر هناك يتجاوز تمامًا مسألة الشكل إلى المضمون.

التقيت الرئيسة الإثيوبية الجديدة ذات يوم في بداية التسعينيات داخل مكتبة أو منزل سنجور في العاصمة السنغالية داكار.

كانت السفيرة الشابة تجمع لبلادها زهور من حدائق الديمقراطية وكأنها توقعت إزاحة الديكتاتور منجستو.. وقد كان.

عادت الزهرة الدبلوماسية الصغيرة سهل ورق وزدي لتستنشق نسمات الحرية والديمقراطية في أديس أبابا قبل أن تحلق أمميًا في رحاب اليونسكو والأمم المتحدة متسلحة بما درسته وبما خبرته في حياتها من ممارسات ديمقراطية وأخرى استبدادية.

هذا هو التكوين الحقيقي لرئيسة إثيوبيا الجديدة وتلك مؤهلاتها.. مسيرة دراسية وثقافة سياسية وخبرة أممية تتجاوز مسائل الشكل إلى جدية وأهمية الموضوع.

وعلى الحدود.. حدود إثيوبيا وليس شوارعها وميادينها تقف وزيرة الدفاع عائشة تتحدث عن نفسها.. مهندسة ماهرة وإدارية محنكة.. كان لها ومايزال بصمات واضحة في قطاع السياحة.. وأخرى ساطعة في مجال التراث والثقافة.. إنه سباق البناء.. كانت جندية في حمى وطن ولم تك تدري أنها ستكون وزيرة الدفاع.

رئيسة من أديس أبابا حيث الأمهرا ووزيرة دفاع من إقليم العفر ذي الأغلبية المسلمة وفي البرلمان سيدة مسلمة من الجنوب تشرع لقوانين بلادها وتعبر عن صوت الشعب.

لقد أدرك العقل الإثيوبي أو قل عقل الأمة الإثيوبية الجمعي أن السبيل الوحيد لتماسك أكثر من 80 مجموعة عرقية مختلفة هو الاتجاه سريعًا الى طريق الديمقراطية.

لقد أيقن هذا العقل أن تحكم أي قومية في حاضر البلاد ومستقبلها هو الهلاك وعودة الحروب الأهلية الطاحنة والدمار.. ومن ثم كانت الفيدرالية الاثنية وحكمة الائتلاف الحاكم بأعضائه الثمانين التي جاءت بآبي أحمد من الأرومو رئيسا للحكومة وسيغادر.. وجاءت بسهل ورق ابنة الضابط المقاتل في عصر هيلاسلاسي رئيسة الجمهورية وستمضي؛ وجاءت بعائشة من اقليم العفر وزيرة للدفاع وسترحل.. لتبقى إثيوبيا مستقرة وموحدة.

هل علمت الآن لماذا كانت قيادة القرن الافريقي بل شرقي إفريقيا لإثيوبيا؟ إنها الديمقراطية التي لم توقفها مقولات او تصرفات توحي بأن الشعب لا يستحق أو أنه مازال يحبو!

ثم إنها الحكمة الإثيوبية التي سمحت بمجيء رئيس وزراء من قومية الأرومو التي ظلت مهمشة لسنوات عندما جاء عليه الدور، ودون ان تسمح لأحد بإفشال المشهد وإعادة أو إلغاء المباراة.

رئيسة تشربت بل شربت من أنهار الديمقراطية؛ ووزيرة دفاع تعلمت أسس الوطنية وشرف الجندية في كل قطاع ورئيسة برلمان يعتبرها الشعب بمسلميه ومسيحييه.. بأمهرته وتيجراييه.. بعفره وأروميه أما حقيقية.

تحية للمرأة الإفريقية بمناسبة نساء إثيوبيا وتحية لإثيوبيا بمناسبة نسمات الديمقراطية.. وتحية للديمقراطية التي تتوق لكافة الشعوب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store