Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التغريدات المسمومة.. حرب تقــــــنية يخوضها المتطرفون عبر شبكات التواصل

التغريدات المسمومة.. حرب تقــــــنية يخوضها المتطرفون عبر شبكات التواصل

A A
رصد الخبراء والمختصون استغلال التنظيمات الإرهابية لشبكات التواصل الاجتماعي عبر أنماط مختلفة تتيح لها التخفي من أجل بث دعايتها المسمومة، حتى حولت تلك التنظيمات المتطرفة تقنيات الإنترنت إلى ساحة حرب تبث من خلالها سمومها الخبيثة في محاولة لتجميع أتباع، أو للترويج لأفكارها الضالة، ولذلك بات من الضروري مواجهة ذلك التطور بتقنيات نوعية وتشريعات محكمة تتواكب مع التطورات السريعة لتلك الوسائل.

ودعا عدد من الخبراء إلى اتخاذ مزيد من الاحتياطات حيال أساليب الدعاية المبتكرة التي تنفذها تلك التنظيمات الارهابية، مع ضرورة وضع إستراتيجية شاملة لمحاربة التطرف في وسائط الميديا الحديثة.

«المدينة» طرحت ظاهرة استغلال التنظيمات الإرهابية لمنصات التواصل الاجتماعي للنقاش بين عدد من المختصين والخبراء، للتوعية بتلك الأساليب وكشفها للرأي العام، ووضع الوسائل المناسبة لمواجهتها.

خبير أمن سيبراني: حجب أكثر من مليون حساب يدعو إلى التطرف

يقول مالك الدوسري (باحث أمن معلومات وخبير في الأمن السيبراني): إن حماية مواقع التواصل الاجتماعي من انتشار الفكر المتطرف ينقسم إلى عدة عوامل منها ما هو اجتماعي بشكل غير مباشر ومنها ما هو تقني بشكل مباشر، وعلى أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي تقع المسؤولية الكبرى على عاتقهم من تنظيم وتقنين المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال الدوسري: لإن الاحتياطات التي يجب اتخاذها حيال أساليب دعاية التنظيمات الإرهابية التي تبتكرها عبر شبكات التواصل لابد لها من عدة خطوات، هي:

1- إدراك خطورة الأستهانة بتواجد المتطرفين بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي.

2- الاستمرار في توعية طلاب الجامعة والمغردين وحثهم على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بشكل إيجابي وبروح وطنية واعية لمواجهة الفكر المتطرف والحذر من الوقوع تحت تأثيرة والعمل على فضح المستخدمين المتطرفين وإيقاف طموحهم في الاستقاطب والتجنيد والتأثير ومواجهة خططهم الدعائية بفكر ناضج ومقاوم للإرهاب والتطرف عبر خطاب قوي موازي وقادر على تنفيد ودحض مقولات التطرف وكشفه أمام الجمهور باعتباره سلوك منافي للإنسانية والحضارة والسلام والهوية الوطنية.

3- ضرورة تتبع حسابات وصفحات المتطرفين وإغلاقها أولاً بأول وعدم الاكتفاء بمجادلتهم أو الرد عليهم.

4- زيادة مستوى الوعي العام بخطورة شبكات التواصل الاجتماعي وإمكانية استخدامها لمنع تسلل الفكر المتطرف عبرها ومنح المغردين ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي خبرات لمواجهة الفكر المتطرف.

5- دراسة طرق وأساليب المتطرفين في نشر فكرهم الإرهابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي واقتراح الأساليب العلمية للمواجهة الجذرية الصارمة.

6- إيجاد فريق عمل متفرغ من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي تكون لديهم الخبرة الاحترافية للتعامل مع الحسابات المشبوهة للمتطرفين بهدف وقاية المستخدمين الآخرين من سموم أصحاب تلك الحسابات والصفحات المروجة لفكر التطرف والإرهاب إلي جانب إكساب المغردين خبرة تقنية من قبل مختصين في كيفية حجب حسابات المتطرفين.

7- وضع إستراتيجية شاملة لمحاربة التطرف في وسائط الميديا الحديثة.

8- استثمار المغردين المعروفين في أوساط الجمهور وإكسابهم خبرة في مواجهة المد الإرهابي المتطرف وفضح اساليبة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وحرمان حسابات المتطرفين من المتابعين و صولاً إلي استخدام تقنيات الحجب وإغلاق الحسابات المشبوهة.

وعن تطوير إستراتيجيات الرقابة التقنية قال الدوسري: إن مركز «اعتدال» قادر على ردع التطرف بشكل أو بآخر، حيث يقوم المركز على ركائز أساسية ثلاث وهي مكافحة التطرف وبأحدث الطرق والوسائل فكريًا وإعلاميًا ورقميًا كما يطور المركز تقنيات مبتكرة يمكنها رصد ومعالجة وتحليل الخطاب المتطرف بدقة عالية وجميع مراحل معالجة البيانات وتحليلها يتم بشكل سريع لا يتجاوز 6 ثوان فقط من لحظة توفر البيانات أو التعليقات على الإنترنت بما يتيح مستويات غير مسبوقة في مكافحة الأنشطة المتطرفة في الفضاء الرقمي، وأشار إلى أن جهود منصات التواصل الاجتماعية الشهيرة غير كافية للأسف في مواجهة هذا التيار المتطرف وخصوصًا باللغة العربية وقد نرى بعض الجهود البسيطة لمكافحة التطرف وآخرها هي منصة «تويتر» فقد قامت بحجب أكثر من مليون حساب يدعو إلى التطرف.

مستشار قانوني: نحتاج تشريعات تجرِّم نشر أفكار التطرف والكراهية

من جانبه قال المستشار القانوني الدكتور مساعد الجبيري: إنه من منطلق القناعة التامة بأن العمل الإرهابي في المقام الأول هو عمل يرتكز على الفكر المتطرف فنرى أنه بمثابة الثمرة التي يطرحها هذا الفكر، وبالتدقيق في ماهية ومعنى مصطلح فكر متطرف يتبين لنا أن التطرف هو الجنوح الحاد الانفعالي لتبني الدفاع عن قناعة ووجهة نظر شخصية المصاحب لحالة من العنصرية والكراهية المفرطة لفكر آخر مقابل أو لفصيل أو أجناس مغايرة ولذلك فإنه من المنظور القانوني لتناول فكرة الجريمة في علم الإجرام والعقاب الدولي يتبيَّن لنا أن هذه الفكر هو بالفعل مرحلة أساسية من مراحل الإعداد للجريمة وعنصر أساسي من عناصرها ويؤدي باللزوم الحتمي لتهديد سلامة الأمن العام ولوقوع جرائم الإرهاب بشتى صورها الأمر الذي يتوجب اعتراف التشريعات القانونية بأن نشر هذا الفكر المتطرف بمثابة تحقق عنصر من عناصر الركن المادي والركن المعنوي المكون للجريمة ويجب أن يتم النص على وجوب إنزال العقوبات الرادعة على نشر هذا الفكر المتطرف، ومن جانب آخر فيجب الاعتراف بأن الوسيلة المثالية التي يتم بث هذا الفكر من خلالها هي وسائل التواصل الاجتماعي عن طريق شبكات الإنترنت والتي تعتبر حاليًا أخطر وسيلة لنشر هذا الفكر الأمر الذي يقتضي تتبع هذه الجرائم والتوصل إلى مرتكبيها وبالنظر إلي التشريعات الجنائية ذات الصلة المطبقة في المملكة العربية السعودية يتبيَّن لنا أن المشرع السعودي قد تناول الجرائم التي ترتكب عبر المواقع الإلكترونية ولكنه لم يرد فيه أو يتناول جريمة نشر أفكار التطرف والكراهية والعنصرية، الأمر الذي يحتاج إلى إجراء تعديلات عليه تتناول تجريم هذه الجرائم حتى يتوفر إليه فعالة لمحاسبة المتطرفين الذي يبثون سمومهم الفكرية بين أفراد المجتمع خاصة أن كثير من التشريعات الأجنبية قد قننت آليات تشريعية تتواكب مع التطورات التي تحدث في وسائل نشر الأفكار الداعمة للإرهاب.

أخصائي نفسي: المتطرفون من صفاتهم العزلة والغضب

قال الأخصائي النفسي ناصر عطية الله الذبياني: إن الغلو والتطرف ليسا نتاج شخصية محددة، فالتطرف منهج فكري أكثر منه حاجة نفسية فالتطرف انحراف فكري حيث تنحرف المبادئ الدينية بل وتعطي قيمة عكسية مثل أن القتل مباح بدعوى أنه يخدم غرضًا وفكرًا متطرفًا ومن صفاتهم العزلة عن ذاته وعن المجتمع، وهناك يحدث تشكيل نفسي ويعاود بناءه من جديد ويصبح شخصية غير سوية وهذه الشخصية غير السوية تتميز بالآتي: غرابة في طريقة التفكير، عدم اتزان مشاعره وانفعالاته، عدم القدرة على ضبط النفس وفهم حاجته، العصبية والغضب واضطراب تعامله مع من حوله، الإصرار على أفكاره، يقل إنتاجه وعدم رغبته في العمل، يميل إلى العزلة، يتعرف على أصدقاء غرباء جدد، ينقصه الوعي بمن حوله، وجود شكوك اتجاه الآخرين، الشعور بالعظمة وأهمية الذات أحيانا، الشعور والحصول بالتغير والمنفعة، عدم نضوج في الشخصية وتظهر في تفكيره السطحي، عدم التوافق مع المجتمع وقيمه وأنظمته، المبالغة في المثالية، العداء للآخرين دون سبب واضح، التشاؤم من الحياة وتمني الموت، وأشار الذبياني إلى أنه يمكن أن نتعرف على الأشخاص القابلين للتطرف وهناك عدة سلوكيات ومنها، التمرد على الأسرة، كثرة غيابه عن المنزل، التشدد في الدين والغلو فجأة، تقليد بعض القادة في اللبس أو الدعاة، وجود أصدقاء جدد لا تعرفهم الأسرة، المراوغة والإنكار وعدم الإفصاح عن الأماكن التي يذهب إليها، الاحتجاج على السياسة الداخلية والخارجية وعدم الرضا عن الخدمات المقدمة، الاستياء من البلد الذي يعيش فيها، وجود أموال لديه دون معرفة مصدرها ودون وجود عمل، الحذر في التحدث أمام الآخرين، والشكوك في من حوله، الحقد على المجتمع.

وقال الذبياني: إنه يتم استقطاب بعض الحالات المنحرفة لتلك التنظيمات والجماعات المتطرفة، مستغلين بعض العوامل الاجتماعية مثل الفقر والفراغ والجهل، استغلال غريزة العنف، استغلال غريزة الجنس مثل إقناعة بالزواج من الحور العين عند استشهاده، أو تزويجه من نساء تلك التنظيمات.

داعية: الامتناع عن نشر الأفكار المتطرفة واجب

قال الدكتور عبدالله الميموني عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة وإمام وخطيب جامع الخندق: يعلمنا التاريخ والواقع البشري في مختلف عصوره أن وجود الغلاة والمتطرفين سمة ظهرت وتظهر في جميع الأمم والديانات وقد تفوقت الشريعة الإسلامية بالدعوة القوية والجادة والمتكررة إلي نبذ الغلو والتنطع بكافة أشكالة فمن الحقائق البينة والمعالم الواضحة في الشرع الإسلامي نبذه للغلو ومحاربته للغلاة وظهر ذلك بصور شتى فمرة ينهى النبي صلى الله عليو وسلم عن الغلو في العبادة ومرة يحذر من الغلو في الاعتقاد وفي غير ذلك، فالغلو مذموم في العبادة وهي طاعة الله فكيف بغير ذلك وقال الميموني: ومن أبواب صحيح البخاري (باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين) روى فيه البخاري أحاديث متفق على صحتها في التحذير من أنواع الغلو والتشدد، فما هو الغلو الذي نهى عنه الشارع وذمَّه؟ الغلو مجاوزة الحدّ المعتاد ومن كلام العلماء قولهم: الغلو المبالغة في الشيء والتشديد فيه يتجاوز الحد يقال غلا في الشيء يغلو غلوًا وغلا السعر يغلو غلاء إذا جاوز العادة وقد ذم الله تعالي في كتابه الغلو حيث قال (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ).

وعن تعامل الشرع مع المتطرفين والغلاة قال الميموني: الغلو يفسد الدين والدنيا ويكدر صفو الحياة ويدخل الأمم في معارك وصراعات لا تنتهي ولشدة ضرره كثر التحذير منه، فلا بد أن تشتمل المناهج والدروس والخطب على قدر مناسب من التحذير من الغلو ومن الأسباب المؤدية للوقوع فيه، ومن الأمور التي توقع في الغلو «الجهل»، فالخوارج الذين خرجوا على سيدنا علي رضي الله عنه كانوا يحفظون القرآن ويتعبدون ولكنهم كانوا جاهلين بالسنة وحكمتها واعتدالها، ومن أسباب انتشار الغلو اتباع من لا يعلم والاعتماد على فتوى من لا يفقه الشرع فقهًا صحيحًا، والتعصب للأحزاب والشيوخ ونشر آراء الغلاة أو آراء المتأثرين بهم يزينها عند من لا يعلم يشوه الحقائق ويساعد في تنامي الفكر المتطرف، فيجب الامتناع عن نشر الأفكار المتطرفة والمغالية ومنع الدعاية لأصحابها.

خبير تقنية معلومات: بناء منصات محلية جاذبة تحاكي التقنيات العالمية

يؤكد الخبير في تقنية المعلومات المهندس ماجد بن عبدالرحمن البيجاوي أنه يمكن حماية مواقع التواصل من انتشار الفكر المتطرف من حيث تكثيف الحملات التوعوية المضادة للفكر المتطرف، ونشر التشريعات والأنظمة الموضحة للعقوبات بالمملكة، مع ضرورة بناء منصات محلية جاذبة تحاكي التقنيات العالمية في الجودة والأداء، وأهمية أن يقوم مزودو الخدمة بدور رقابي أكبر، والاستفادة من أصحاب الحسابات المتخصصة والأكثر متابعين، ووضع اتفاقيات ملزمة ضمن الاتفاقيات العالمية، وفرض القوانين والتشريعات التي تلزم شركات التقنية الخارجية بالعمل وفق قوانين البلد، واستضافة الخوادم داخليًا للتأكد من عملها وفق الأنظمة المحلية.

وقال البيجاوي: إن الاحتياطات التي يجب اتخاذها حيال ذلك عادة ما تلجأ هذه التنظيمات إلى استخدام وسائل دعائية جاذبة مدروسة بعناية ذات مدلولات تثير حفيظة المتلقى وتشده من خلال مؤثرات المونتاج والإخراج الإعلامي بالاستفادة من البرمجيات التقنية الحديثة من قبل متخصصين أو هاوين متقدمين في المجال كصناعة الأفلام والعاب الفيديو والصور المعبرة مستغلين دوما ثغرة خلوة المستخدم بهافته الذكي في الدرجة الأولى، ثم أجهزة الألعاب المتصلة بالإنترنت ثم أجهزة الحاسوب، ومن الاحتياطات التي يمكن اتباعها تثقيف المجتمع بأهمية استخدام الوسائل التقنية المساعدة على استخدام مرشحات مواقع الإنترنت والمراقبة الأبوية الآلية لمنع الوصول لبعض المواقع التي تشكل خطرًا على الأجيال، تنفيذ حملات دعائية إلكترونية متنوعة لنشر الوعي بين المستخدمين وتوضيح طرق عمل هذه التنظيمات ومخاطرها وكيفية التعامل معها والإبلاغ عنها، كذلك صناعة برامج تلفزيونية شبابية جاذبة للتعريف بما يستحدث في مجال التقنية عمومًا، فالتطور لا ينتظر من يتخلف عنه ويتم بسرعة وينتقل من شكل إلى آخر، وغالبًا ما تأتي تقنيات تستهوي الأجيال الفتية قد تغيب عن المربين في البيت أو المدرسة بحكم فارق السن وتباين التوجهات والميول فلا نعلم عنها ولا نتابعها، وبالتالي قد تكون مصيدة وهدفًا للاستغلال.

وعن كيفية تطوير إستراتيجيات الرقابة التقنية قال البيجاوي: الاستفادة من الأساليب التقنية المتطورة كمفهوم الذكاء الاصطناعي لتحليل كل ما ينشر عبر هذه البرامج والعمل على بناء مصدات إلكترونية لمنع مثل هذه الأعمال وتعقب مصادرها لاتخاذ ما يلزم حيال إصحابها أو معاونيهم، وهذا يلزم أن تكون هنالك تخصصات تقنية متقدمة في الجامعات تتضمن مناهجًا مواكبة لأي تغيرات تقنية حديثة تكفينا مؤنة الاستعانة بالغير والاعتماد على أبناء الوطن.

وعن جهود منصات التواصل الاجتماعي في مكافحة المحتوى المتطرف قال البيجاوي: هي غير كافية وصعب أن تجعله آمنًا كون مفاهيم اختلاف الحريات في المجتمعات مختلفة، وبالتالي لا يمكن أن تتوافق جميع التشريعات وتتحد إلا على نقاط محددة قد لا تخدم الجهة المتضررة، وعن العوامل التي سهلت للمتطرفين انتشارهم على وسائل التواصل قال: سهولة التسجيل فيها بدون إثبات الهوية أو ربطها المباشر بوسيلة تدل على المستخدم كالهاتف أو الموقع الوطني، إضافة لتوفر برمجيات تمكن المستخدم من التخفي أو تزوير الشخصية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store