Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

خالدة من السجن إلى السجن .. لا إلى السلطة!

المثير في قصة خالدة ضياء، وبعيداً عن صحة اتهامها بالاختلاس، من عدمها فضلاً عن الدخول في أمور قضائية سياسية، أو سياسية قضائية، هو إصرار تلك السيدة على مواصلة المشوار، حتى النهاية.. نهاية عمرها الذي قضته منذ زواجها وحتى اليوم "72" عاماً في صراعات لا تنتهي!

A A
يبدو أن مسلسل من السجن إلى السلطة، ومن السلطة إلى السجن سيتوقف مؤقتاً في بنجلاديش، بعد أن قضت المحكمة بسجن رئيسة وزراء البلاد السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء سبع سنوات لإدانتها بالفساد، وهي التي سبق الحكم عليها في فبراير الماضي بالسجن خمس سنوات في قضية منفصلة!، ورغم أن السيدة خالدة ستقضي العقوبتين بالتزامن مما يعني أنها ستمضي عامين آخرين في السجن، فإن فرص العودة الي الحكم تضاءلت تماماً، خاصة وأن الانتخابات العامة على الأبواب!.

التقيت السيدة خالدة، في بيتها آخر مرة قبل نحو 15 عاماً!، كان المنزل مليئاً بالأطفال والبنات الذين عرَّفتني بهم مرددة: هؤلاء هم أبنائي وبناتي، فلما كان عددهم يزيد عن ثلاثين، ومعظمهم من الأطفال، قلت بتلقائية: وهل تزوجتِ ثانية؟!، انفجرت ضاحكة وهي تشير لشعار جمعية الأيتام الخيرية، التي تترأس صندوق دعمها. تذكرت هذا الموقف أو المشهد أمس وأنا أتابع الحكم عليها بالسجن بتهمة اختلاس(371550 دولاراً) من الصندوق في الفترة من عام 2001 حتى عام 2006.

كالمعتاد، وكما توقعت وعاصرت، يخرج مناصرو حزب خالدة المعارض، ليؤكدوا أن التهمة الجديدة جزء من مخطط لإبعاد الزعيمة هي وأفراد أسرتها عن السياسة، ويؤكد الحزب الحاكم الذي تترأسه رئيسة الوزراء الحالية السيدة حسينة أنه حكم القضاء، وتمضي اللعبة السياسية التي اعتاد عليها الشعب، فيفوز الحزب الحاكم، ويشكك الحزب المعارض في نزاهة الانتخابات مذكِّراً بحبس زعيمته!.

في السابق، وكما عاصرت وسجلت وراقبت انتخابات بنجلاديش، كان الحزب المعارض يتقدم ويفوز تحت وقع الغلاء والفساد والبطالة، ومن ثم تخرج رئيسته من السجن، الى سدة الحكم!.. حدث ذلك أكثر من مرة بين السيدتين اللتين تتنازعان الحكم لأكثر من عقدين، لكن الأمر هذه المرة، يوحي بأن مسلسل من السجن الى السلطة، سيتحول إلى من السجن الى السجن، لتنتقل خالدة من قائمة «فوربس» لأقوى 100 امرأة في العالم الى قائمة السجينات الدائمات في بنجلاديش!.

المثير في قصة خالدة ضياء، وبعيداً عن صحة اتهامها بالاختلاس، من عدمها فضلاً عن الدخول في أمور قضائية سياسية، أو سياسية قضائية، هو إصرار تلك السيدة على مواصلة المشوار، حتى النهاية.. نهاية عمرها الذي قضته منذ زواجها وحتى اليوم «72» عاماً في صراعات لا تنتهي!

روت لي السيدة خالدة، كيف واجهت والدها «إسكندر» ووالدتها «طيبة « متمسكة بالزواج الرومانسي فور تخرجها من الشاب الوسيم النقيب ضياء الرحمن، كان ذلك عام 1965 ولم تكن تعلم أن هذا النقيب المخلص لجيشه ووطنه -كما يحلو لها أن تصفه- سيكون رئيساً للجمهورية عام 1977 فور إعلان الاستقلال، لكنها لم تكن تعلم كذلك، أنه سيغتال عام 1981 تاركاً لها حب الناس له «كما تقول»!

ولأنها عنيدة ومثابرة جداً كما تصف نفسها فقد آثرت دخول معترك السياسة فأصبحت نائبة لزعيم الحزب الوطني ثم رئيسة للحزب، ثم سجينة لأكثر من سبع مرات، ثم رئيسة للوزراء!.

في تلك الأثناء، برزت لها امرأة حديدية أخرى، هي السيدة حسينة ابنة الرئيس مجيب الرحمن، والتي تمكَّن حزبها من الفوز بالانتخابات ليأتي بها رئيسة للحكومة على حساب خالدة التي انتقلت بدورها لمقاعد المعارضة!، في هذا الوقت من عام 1996 كانت الأمور تمضي بروح رياضية إلى حد بعيد.. حسينة تحكم، فتذهب خالدة للمعارضة، وخالدة تحكم فتغادر حسينة للمعارضة، وكنت أتفنن في توجيه الأسئلة السياسية والاجتماعية للزعيمتين!

الآن، وكما يبدو في الأفق، انتهي المسلسل تقريباً، ليس لقلة حيلة خالدة، ولا لقوة السيدة حسينة، وإنما لمتغيرات اقتصادية واجتماعية عديدة منها ما هو عالمي، ومنها ما هو محلي، فإن قلت إنه بفضل حكومة حسينة، سيرد عليك أنصار خالدة، بارتفاع نسبة الفقر.. الأفضل أن تكتفي بالمراقبة!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store