Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

عندما تغيب التربية «العقلانية»!!

المشكلة أننا نرغمهم على التنفيذ قسراً أو هم ينفذون ما نريده منهم باسم العاطفة والطاعة العمياء، وفِي الحالتين تغييب لعقولهم وهو ما يحدث تماماً مع المعلم أو المعلمة في المدرسة ومع الشيخ أو الموجِّه في المسجد ومع الأصحاب في اللقاءات والشلل

A A
أحد مظاهرعالمنا العربي والإسلامي الْيَوْمَ هو وقوع شبابه في حفر ومطبات ومهالك التطرّف والتشدد بسبب التفريط في التغذية العقلانية للأفراد في الأسر والمجتمع والمدارس، واعتماد التعامل بالعاطفة في شؤون الحياة وتحليل الأمور، فينشأ عن ذلك عقليات تعاني من «سندرومات « متعددة، فنادراً ما تجد طفلاً أو طالباً من المرحلة التمهيدية والروضة الى المرحلة الجامعية يتعامل مع ما يواجهه من مشكلات وأمور في الحياة بالعقلانية والحلول المنطقية. إن العقلانية في الحياة لا يقصد بها نسبة الذكاء أو حدة الموهبة والتميز إنما مواجهة الحياة، قضاياها وأمورها ومستجداتها، بقرارات من العقل كمحلل لها ومميز، وهل يقبلها أم يرفضها أو يقف منها موقفاً محايداً دون تدخل من العاطفة وسيادتها عليه (أي على العقل).
صحيح أن النجاح في الحياة تتضافر في تحقيقه عدة أمور، منها نسبة الذكاء الاجتماعي والمستوى النفسي والتميز الموهبي والمحتوى البدني لكن يجب أن يكون القائد لكل ما سبق هو التربية «العقلانية» وهي تعني الاقتناع الداخلي لدى الصغار والكبار بما يُعرض على عقولهم من أمور ليس شرطاً أن يوافق الابن والديه فيها ولا حتى أن ينفذها إن لم يكن بها مقتنعاً. المشكلة أننا نرغمهم على التنفيذ قسراً أو هم ينفذون ما نريده منهم باسم العاطفة والطاعة العمياء، وفِي الحالتين تغييب لعقولهم وهو ما يحدث تماماً مع المعلم أو المعلمة في المدرسة ومع الشيخ أو الموجِّه في المسجد ومع الأصحاب في اللقاءات والشلل. وهكذا تنشأ عقليات لا شخصية لها تنقاد الى الفشل في الحياة وعدم النجاح وقد تسقط في شباك المتطرفين في الدين أو المنحلين والضائعين، وليس من علاج لذلك إلا العودة لاعتماد التربية التي تحث على تحريك أداة العقل وهو ما وجه به القرآن الكريم في مواضع كثيرة منها قوله تعالى (لعلهم يعقلون)، (لهم قلوب لايعقلون بها) وتحريك أداة العقل لايعني أبداً تجميد العاطفة وإلغاءها إنما العقل لتمييز الأمور وفرزها، ولذلك يطلق على سن البلوغ سن التمييز. والعاطفة أغلب ما تكون في العلاقات والنواحي الاجتماعية وهي تشارك في صناعة النجاح في الحياة فيما يخصها لا فيما يخص العقل من أمور وبذلك يحصل التوازن وتندفع عجلة الحياة نحو النجاح وتحقيق الأهداف.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store