Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

تحسين صحة الأسواق الشعبية!

أحببت أن أشيد بالإجراءات الحازمة لتحسين صحة الأسواق، لأني انتقدت في مقالات سابقة إهمال الجهات المختصة الالتفات إلى معاناة المستهلك واستغلال التستر للقوة الشرائية العالية لدى السعوديين

A A
كما انتقدنا الفوضى التي كانت تضرب بأطنابها في كل أسواقنا، سواء فوضى التستر، أو فوضى الأسعار، خصوصاً في الأسواق الشعبية، واحتكار كل جنسية لسوق أو بضاعة، كالسجاد والموكيت، والأدوات المنزلية وغيرها، لا بد إذن من الإشادة بعمليات التحسين والتصحيح التي أحدثتها رؤية 2030 على الأسواق الشعبية بشكل خاص.

كان وجود السعودي في أي سوق شعبي أو مركز تجاري مستهلكاً فقط، ويمكن أن يقع فريسة الغش والتلاعب نتيجة ازدحام تلك الأسواق بالبضائع المقلدة والرديئة ومع ذلك أسعارها مرتفعة، ويخضع انخفاض السعر لوعي المستهلك وحنكته وقدرته على المساومة والمجادلة مع البائع، أو اللف والدوران للتأكد من السعر المناسب للسلعة التي يرغب في اقتنائها، لكن منذ بدأ العمل بجدية ومثابرة لتحقيق رؤية 2030 الطموحة، حدث تنظيم ملموس خصوصاً في الأسواق الشعبية، حيث بدأت في استقطاب السعوديين والسعوديات كبائعين وبائعات، كذلك ألزمت المحلات بتقديم فاتورة للمستهلك حتى مع الضريبة المضافة 5% إلا أنها دعمت ثقته في مناسبة الأسعار، مع أن أسعار المنتجات المختلفة في أسواقنا لازالت مضاعفة ولا تتوفر في معظم المنتجات الجودة، إلا أنها حل مؤقت لحماية المستهلك.

لا شك أن أسعار المنتجات المختلفة بحاجة إلى مراجعة ومراقبة من وزارة التجارة والجهات الرقابية لحماية المستهلك من الجشع التجاري، وتسويق المنتجات الرديئة، والأسعار المرتفعة، لأن مقارنة بعض المنتجات وكلها مستوردة بمنتجات مشابهة وبجودة أعلى، نجد أنها في الأسواق الخارجية أقل كثيراً! ربما لذلك تصاب بالغبن، وهذا يدفع بمعظمنا إلى التسوق من الدول التي يسافر إليها، أيضاً يجد راحة في التسوق نتيجة وجود أماكن مريحة للقياس، ومرونة في رد البضاعة واستبدالها دون تعنت أو رفض لإرجاعها ورد القيمة كاملة للمستهلك في حالة وجود الفاتورة وخلال فترة مناسبة لإعادة التفكير في اقتنائها.

مرحلة التستر والفوضى امتدت على مدى عقود طويلة، وتم بفضل الله ثم بإرادة الحزم القضاء عليها بشكل تدريجي، حيث بدأنا نلمس النتائج، لذلك أحببت أن أشيد بالإجراءات الحازمة لتحسين صحة الأسواق، لأني انتقدت في مقالات سابقة إهمال الجهات المختصة الالتفات إلى معاناة المستهلك واستغلال التستر للقوة الشرائية العالية لدى السعوديين.

كنت مرة في أحد الأسواق الشعبية، كان لا زال وضعها تحت أطناب الفوضى، أي كل البائعين من جنسية واحدة شرق آسيوية، والبضائع بدون أسعار، والأسعار مبالغ فيها، خرجت من المحل تجولت قليلاً وجدت متجراً به بائعة سعودية، شعرت بالراحة، ازددت راحة وفرحاً عندما وجدت البضائع مسعَّرة، والبيع بالفاتورة والضريبة المضافة، عبرت عن سعادتي فوراً للفتاة التي كانت في منتهى اللباقة، وعندما قالت سنضيف قيمة الضريبة، قلت: بكل سرور، لأني أعلم أنها ستذهب لوطني، نحن كنا ندفع أكثر من المستحق دائما أموالاً يتم تحويلها فوراً إلى خارج الوطن.

تجولت في ذلك السوق وكأني موظفة رقابة فقط لأكتشف حجم التحسين والتصحيح في ذلك السوق، وجدت شاباً سعودياً عند أحد الأكشاك المنتشرة فيه، تجد فيها كل الجنسيات إلا السعودي مستهلكاً فقط، فرحت به كان يقف معه عامل ربما من المستثمرين غير النظاميين الذين يعملون بنظام التستر الذي أنهك اقتصادنا عقوداً من الزمن كانت كافية لإحداث الفوضى والغش والإنهاك الاقتصادي.

صحيح أن بعض المتاجر أغلقت، وبعض المناطق السكنية أخليت ولكنها عملية ضرورية عند حدوث عمليات التصحيح والتحسين في البنية الاجتماعية والنشاط التجاري. كل تغييرات كبيرة ورؤى طموحة كرؤية 2030 بمثابة هزَّات تُحدث فراغات لكنها تُحدث التوازن وتعيد الأرض إلى استقرارها وثباتها، وهذا ما أحدثته خطط السعودة وتوظيف النساء في المحلات التجارية، ومطاردة المتسترين وفرض الرسوم على الوافدين، لأنها عملية ضرورية لتصحيح البنى الاقتصادية وحماية المستهلك وتخفيض نسب البطالة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store