* شهدت السنوات القليلة الماضية تنافساً محموماً بين «بعض الجامعات السعودية» في (إنشاء الكراسي العلمية)؛ وكُثر هِيَاط الإعلان عنها؛ وللأسف بقي معظمها مَيْتَاً، وما كان منها فيه رَمَقٌ مِـنْ حَيَاة ظَلّت دراساته وأبحاثه غائبة عن الساحة العلمية؛ فهي حَبِيْسة الملفات والدّوَالِيْب.
* فيما هناك قِلْة من (الكراسي العلمية) كانت استثناءً؛ فجهودها ظاهرة وفاعلة في خدمة العِلْم والمجتمع، ومنها: (كُرسي الأمير خالد الفيصل للاعتدال) الذي حقق خلال عمره القصير -الذي لم يتجاوز «العشر سنوات»- الكثير من أهدافه، التي تقوم على تعزيز مفهوم وسطية واعتدال الدين الإسلامي، وإبراز الصورة الحقيقية للمملكة في مجال الاعتدال ونبذ التطرف، ودعم الجهود الرائدة والمبدعة في هذا الميدان؛ وكان ذلك جاء عبر حُـزمة من الدراسات العلمية الأصيلة، والبرامج والمبادرات التطبيقية التي تلامس حاجيات المجتمع، وتواكب مستجدات ولُغَة العـصر!.
* ونَجَاح «ذلك الكرسي» في إيصال رسالته، وثراؤه في برامجه حَوّلَه إلى مركز علمي متخصص، ثم صدر قبل أيام قرار «وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى» بتحويله إلى (معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال)؛ تحت مظلة «جامعة المؤسس الملك عبد العزيز»؛ حيث سيتوسع في برامج الدراسات العليا المهنية والنوعية، والخدمات التعليمية في مجالات دراسات وأبحاث وإستراتيجيات الاعتدال ومكافحة التطرف، وكذا دعم النشر العلمي، وتأهيل الكوادر الوطنية وتطوير مهاراتهم المهنية في ذات المجال؛ وكُلُّ ذلك يأتي في إطار برامج التحول الوطني ورؤية 2030م التي تشمل مختلف الجوانب الحياتية والعلمية والثقافية والتنموية.
* أخيراً (معهد الأمير خالد الفيصل للاعتدال)، كان إحدى توصيات محاضرة تَفَضَّل بها (سموه) في «جامعة المؤسس» عام 1430هــ، حول (منهج الاعتدال السعودي)؛ وفي هذا تأكيد بأن التوصيات الصادقة والمخلصة يمكن لها أن تصبح أشجاراً مثمرة ويانعة، إذا وجدت الاهتمام والمتابعة والرعاية التي تحولها إلى واقع؛ وهذا ما تفتقده الكثير والغالب من توصيات مؤتمراتنا وندواتنا العلمية، التي بمجرد تلاوتها تموت قبل أن يَجِف القَلم الذي كُتِبَتْ به؛ فهذا نداء لمعالجة تلك الحالة، والحَدّ من المؤتمرات والندوات الصورية التي لافائدة منها!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
