Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

مُؤسِّسَات أم القرى الخيرية!

وعودةً لجمعية أم القرى، فقد تأسَّست على يد نخبة من بنات مكة المكرمة، بدأت بفكرة راودت الأستاذة أمينة الصبَّان، وهي لازالت تدرس في الجامعة، تقول: "إن الفكرة ما انفكت تلحُّ على خاطري وتتمدَّد، حتى حان أوان نضجها"، كأي فكرة تحتاج إلى تمريرها إلى المحيطين حولك، للحصول على الدعم، وتزامن ميلاد الجمعية مع تخرُّجها من الجامعة، فوُلدت أول جمعية خيرية نسائية تخدم أفراد المجتمع المكي

A A
ليس من حصد الثمر كمَن زرع الشجر، رغم أنف ما تعلَّمناه في كتاب القراءة «مَن زرع حصد»، الزرع والحصاد في هذه المقالة، يشرحان ببساطة، كيف يتم إهمال أصحاب الفكرة الأولى لتأسيس الجمعيات الخيرية، والمُؤسِّسَات اللاتي وضعن اللبنات الأولى في هذه الكيانات التي تجذَّرت وامتدت وتفرَّعت، ولأن دورة الحياة لا تتوقَّف، وكذلك اللوائح التي تفرض التغيير لضخ دماء جديدة في أوردة مجالس إدارات الجمعيات الخيرية، فإن الحصاد تجنيه أيدٍ لم تتلوَّث يدها بتربة الزرع، ولكنها سنة الحياة؛ فالتغيير سنة كونية، لكن، لأن «اللي بعيد عن العين بعيد عن القلب»، كما يقولون، يتم تجاهل المؤسسين، أصحاب الفكرة، ومَن يرجع لهم الفضل في وضع الغراس، وكل مَن رمى بسهمٍ في تأسيس كيان خيري.

ليس لديَّ خلفية عن كل الجمعيات الخيرية ومؤسساتها أو مُؤسِّسيها، لكني على دراية تامة بقصّة تأسيس جمعية أم القرى الخيرية، والجمعية الأولى بجدة التي فازت بالمركز الثالث ضمن جوائز مؤسسة الملك خالد الخيرية، وكُرِّمت ضمن الفائزين يوم الاثنين الماضي 12 نوفمبر في مدينة الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله.

قصة تأسيس الجمعيات الخيرية يجب أن تُخلَّد في وجدان وذاكرة الوطن، لأنها نشأت بفكرِ وجهد مَن وضع اللبنات الأولى، حَفر التربة بيديه العاريتين، اصطدم بأرض صخرية أدمت يديه وقدميه، ربما لدغته أفعى سامة كانت ترقب حراكه الوطني، فامتلأت حقداً وسمًّا نفثته في طريقه، فانكفأ على وجهه همّة هامدة، لكن قلبه وضميره نفخا الروح مرةً أخرى في همّته، فعاد يعمل بكل جَلَدٍ حتى تجذَّر زرعه وطرح الثمر، التجاهل أو النسيان لأولئك المُؤسِّسين الأوائل، الذين لهم الفضل -بتوفيق الله- في تأسيس الجمعيات الخيرية، مُحبط للأجيال الجديدة لتبنِّي مبادرات إنسانية على ذات المستوى.

وعودةً لجمعية أم القرى، فقد تأسَّست على يد نخبة من بنات مكة المكرمة، بدأت بفكرة راودت الأستاذة أمينة الصبَّان، وهي لازالت تدرس في الجامعة، تقول: «إن الفكرة ما انفكت تلحُّ على خاطري وتتمدَّد، حتى حان أوان نضجها»، كأي فكرة تحتاج إلى تمريرها إلى المحيطين حولك، للحصول على الدعم، وتزامن ميلاد الجمعية مع تخرُّجها من الجامعة، فوُلدت أول جمعية خيرية نسائية تخدم أفراد المجتمع المكي، حصلت على موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1395هـ.

الاجتماعات تُعقد في منزل والدتها أو منازل المُؤسِّسَات، اجتماع أول جمعية عمومية عُقد في منزل فيصل بدر، وتحت إشراف مديرة الإشراف الاجتماعي في ذلك الوقت هدى باغفَّار، ومساعدتها آمال قابل، ثم حصلوا على مبنى مؤقت من عصام بدر، ثم انتقلت الجمعية إلى مبنى لمحمد فطاني، ثم الانتقال من مبنى مستأجر إلى آخر حسب الاحتياجات والتوسعات المطلوبة، حتى جاءتهم زميلتهم فوزية إبراهيم الجفالي ببشرى تبرُّع الشيخ على الجفالي بهذا المبنى الكبير والفخم الذي تمارس فيه جمعية أم القرى الآن أنشطتها المختلفة.

وجديرٌ بالذكر أن الجمعيات الخيرية في مدن المملكة سبقت جمعية أم القرى بسنوات، الجمعية النسائية الخيرية بجدة 1382هـ، حصلت على رقم (1) ولازالت بهذا الاسم «الجمعية الأولى/ نسائية خيرية»، جمعية النهضة الخيرية بالرياض عام 1382هـ/ 1962م، والجمعية الفيصلية بجدة عام 1396هـ/ 1976م، ثم توالت الجمعيات الخيرية، حتى أصبحت متخصصة في مجالاتٍ مختلفة.

لم تعلم أمينة الصبَّان بهذه المقالة، ولأنِّي أعلم الجهد المبذول، فقد طلبت من الدكتورة مريم الصبَّان -وهي مِن ضمن المُؤسِّسَات، وقد تولَّت مناصب قيادية في جمعية أم القرى الخيرية- كُتباً توثيقية لتأسيس الجمعية، ولكل النشاط الثقافي الذي أشرفت عليه، أرسلتها مشكورة مع إهداء جميل.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store