Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالعزيز حسين الصويغ

أسطورة «بروكرست»!!

A A
يحرص البعض على صهر الآخرين في بوتقة تفكيرهم التي حددوا أبعادها، رافضين أي تفكير آخر مختلف عنهم، وهو ما يذكرنا بالأسطورة اليونانية التي كان بطلها «بروكرست» والذي لم يكن يقبل من زواره إلا من كان طول جسمه مناسباً لحجم السرير الذي في بيته.

****

هذه الأسطورة ليست مجرد خيال وضعه مَن خطَّ سطور هذه الحكاية ليتناقلها الناس، ربما تحذيراً من خطورة الاختلاف بينهم والحفاظ على نهج واحد من التفكير الجماعي يناسب الكل للحفاظ على سلامة مجتمعاتهم، بل هو واقع يؤمن به الكثير من الناس في المجتمعات الإنسانية.. وللأسف الشديد لدى هؤلاء في العقل الجمعي أسطورة سرير بروكرست، ولا يقبلون أي شخص كما هو، بل يبادرون إلى حشره في إطار صورةٍ يصنعونها له ويستبعدون ما لا يوافقها من الصور المُسبقة ويقومون بإتلافها.

****

وقد حولت أنا هذا السرير إلى «حذاء».. ففي كتابي الذي صدر أخيراً بعنوان (العرب وثقافة الحذاء) سيجد القارئ أن هناك «حذاءً» بمقاس معين داخل جماجم بعض من نتعامل معهم من الناس، يطلبون من الجميع أن يحشر قدمه فيه.. ومن يتجاوز قدمه حجم هذا الحذاء، أو يصغر عن هذا الحجم الجاهز يعتبرونه شاذاً عن نسق نظرتهم للحياة، وبعيداً عن حجم الحذاء الذي يحمله هؤلاء داخل رؤوسهم.

****

وهكذا فعلينا إذا أردنا أن نعيش حياة متآلفة بين أفراد المجتمع أن نستبدل هذا السرير، أو نقذف بالحذاء خارج أذهاننا، ونُدرك أن للناس مقاسات وأنماط تفكير مختلفة، فلا نحشرهم في قالب واحد.

#نافذة:

حذاؤك يمكن أن يقودك إلى أي مكان.. لكن أنت من يُحدد إلى أين تذهب، لذا اختر طريقك قبل أن تختار حذاءَك.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store