* لا يمكن الحديث عن أودية حجازنا المبارك إلا ويكون لوادي الفرع النصيب الأكبر.. ليس فقط لأنه من أكبر أوديه الحجاز وأعظمها وأعرقها، ولا لأنه أول من قدم التمر لإسماعيل عليه السلام وأمه هاجر.. بل لأنه كان ومازال وسيبقى بإذن الله حتى قيام الساعة؛ وادياً كريماً في أعطياته للمدينتين المقدستين ولكل حجاجها وزوارها ومريديها.. فقد سجَّل التاريخ للفرع أنه أحد أكبر وأشرف ولايات الحجاز، ومن أهم مواردها الاقتصادية والزراعية على وجه التحديد، كما أنه ساهم وبقوة في إمداد الحجاج بين المدينتين العظيمتين بالمياه، والأهم من ذلك بالأمن، مما جعله أحد طرق الحج المعروفة والموثوقة والمضيافة.
* تضيق وتتضاءل المساحة كثيراً أمام تاريخ هذا الوادي العريق وفضله، ففيه مساجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم نزلها مرارا، ومواقع لغزوات وآبار، كما أن به آثارا ومنازل لكثير من الصحابة والتابعين الذين استهواهم الفرع بحكم موقعه الجغرافي المميز بين الحرمين الشريفين، ومياهه وعيونه التي كانت تزيد عن 50 عينا فعمّروه وسكنوه، ولعل من أبرزهم عبدالله بن الزبير، وعروة بن الزبير الذي تقول أغلب المصادر أنه توفي سنة 94هـ في بيت له بـ(مجاح) أحد أودية الفرع الشهيرة، ودفن هناك.
* ككل بقاع هذه البلاد المباركة، فقد امتدت يد التطوير لهذه المنطقة الحيوية، من خدماتٍ تعليمية وصحية ومرافق بلدية وخلافه، خصوصاً في عهد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، لكننا مع رؤية المملكة 2030 نأمل بالمزيد من الرعاية والاهتمام باستغلال وتفعيل واستثمار الثروات التاريخية والاقتصادية والسياحية، فالمنطقة التي تقع بين الحرمين الشريفين وتحوي كل هذه الثروات بمكن استغلالها كبستان ومتحف تاريخي وأثري، ووجهة سياحية مفضلة للحجاج والزائرين.
* ختاماً ومع كامل التقدير لكل من كتب أو اجتهد في حفظ تاريخ هذا الوادي من مؤرخين وكُتَّاب ومجتهدين، إلا أنني أجد لزاماً عليَّ الإشادة بالزميل العزيز والصحافي اللامع الأخ خالد الشاماني مراسل القناة العربية الذي سلَّط الضوء بقوة على أجزاء وملامح كثيرة من تاريخ وتراث وجماليات وادي الفرع، ووثقها تلفزيونياً.. والشكر موصول أيضاً لزملائه الرائعون في فريق إعلام وادي الفرع، الذين يقومون بجهدٍ لافت في تعريف الناس بهذا الوادي؛ ونقل أخباره وفعالياته.
* الفرع بتاريخه العريق؛ وبقيمته الاقتصادية والبيئية والسياحية المتجددة، بحاجة للمزيد من العناية والاهتمام من جميع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، ومن رجال الأعمال والقطاع الخاص أيضاً، فهو منجم وكنز (تاريخي، وزراعي، وسياحي) لم تكتشف كل ثرواته بعد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
