Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

جرائمنا البيئية!!

A A
• من وجهة نظرك الخاصة، ما نوع علاقتنا نحن السعوديين (أفراداً، مؤسسات) مع البيئة؛ من حيث حمايتها وتنميتها والحفاظ عليها؟، وما هو بُعدنا أو قُربنا من العلاقة المفترضة مع البيئة، والتي نراها في مجتمعات أخرى؟!.

• لا أظننا بحاجة لاستبيان للإجابة على السؤال المهم، فالإجابة واضحة وصادمة، كونها علاقة سلبية للأسف، وأهم شواهد هذه السلبية هو التدهور المتزايد في أحوال بيئتنا الصحراوية الشحيحة أصلاً بالمياه وبالأشجار وبالحيوان، وكذلك التعامل اللامنطقي وغير الحضاري معها، وهي أمور تدل على ضعف في الوعي، وعلى عدم استفادتنا من الكم المعرفي والتوعوي الهائل الذي يتهاطل علينا عبر وسائل التواصل.. ولك في الاحتطاب والصيد الجائرين، وفي استنزاف المياه والتلوث... وغيرها من أوجه التعامل الجارح للبيئة أبسط مثال!

• إذا كان هذا هو بعض ما يمارس فردياً، فإن الأدهى والأمر هو ما تُمارسه العديد من الجهات ذات العلاقة من جحود مع البيئة، فمِن المُضحك المُبكي أن تبرم البلديات عقوداً بالملايين لتقزيم الأشجار وقصقصتها، وضمان عدم نموها، في بيئات تعاني أصلاً من صحراوية مرهقة وجفاف وغبار!.. تناقض غريب لا يُجاريه غير تناقضنا الأكثر غرابة ومرارة مع الأمطار، ففي الوقت الذي نصرف فيه مليارات الريالات على مشاريع لتصريف سيول الأمطار إلى البحر، نعود بمليارات أكثر كي نستخرجها منه لتحليتها، وهي الحلوة أصلاً، بينما كان من الأجدى خزنها وتنقيتها!

• إن تفاعلنا مع البيئة لابد أن ينطلق من احترام مبني على نظرة متفهمة لدورها تجاهنا ودورنا تجاهها، وإلى خطورة الإخلال بهذه المعادلة.. ومقدار شيوع هذه النظرة في مجتمع هو ما يُحدِّد درجة إيجابية سلوكه مع كل شيء حوله. إن بيئتنا ذات الطابع الصحراوي ليست بحاجة إلى الحفاظ على البيئة فقط، بل إلى إنمائها وتطويرها، وهذا لا يتحقق إلا لمجتمعات مُدركة لأهمية مواردها الطبيعية، ومستشعرة لفرصها ومهدداتها، ولحجم مسؤوليتها نحوها.

• نحن بحاجة لإستراتيجية بيئية سعودية طويلة الأجل، تُحافظ على الغطاء النباتي والحيواني المهدد بالفناء، وترفع مدى الاستفادة من مياه الأمطار والسيول التي يذهب معظمها هدراً، رغم حاجتنا الأكثر من ماسة لها.. وتنظم العلاقة بين إنسان هذه البلاد وكل ما حوله من طبيعة.. إستراتيجية يتم غرس قيمها في وجدان الطلاب منذ المرحلة الابتدائية، كما يحدث في الهند واليابان وكثير من دول العالم التي باتت حماية البيئة فيها واجباً وطنياً وإنسانياً، واقتصادياً كما في بريطانيا التي تُوفِّر حكومتها 7 جنيهات للرعاية الصحية والطاقة، والتكاليف البيئية، مقابل كل جنيه واحد ينفق على الأشجار.

• احترام وتقدير البيئة ليس ترفاً، بل هو مطلب اقتصادي وحضاري، وقبل ذلك هو مطلب وجودي للأجيال القادمة.. وللأسف إن كثيراً من ممارساتنا وتعدياتنا الجائرة ضد البيئة يمكن أن تدخل في نطاق الجرائم التي يعاقب عليها القانون، كما يمكن إدراجها تحت بند الإفساد في الأرض.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store