Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

وجبة سمك بنكهة الذباب!!

A A
إن كان الذباب قد تكاثر في مدننا الكبيرة بعد هطول الأمطار عليها بنسبة (س)، فهو قد تكاثر بنسبة (١٠ س) في الطرق الرابطة بين مدننا، حيث المحافظات النائية، التي يقلّ فيها كمّ ونوع الخدمات كثيراً عن المدن!.

في الأسبوع الماضي، توجّهْتُ لمحافظة الليث الواقعة جنوب منطقة مكّة المكرّمة في مهمّة عمل، وفي طريق العودة قرصني الجوع، فتوقّفْتُ في استراحة سمك يُديرها بعضُ الوافدين، وهذه المحافظة بالمناسبة مشهورة بجودة السمك المُصطادُ في بحرها، لكنّ الجودة تبخّرت وأصبحت في خبر كان مع كثرة الذباب في استراحات الطريق، ولا أبالغ إذا قُلْتُ أنّ هناك سِرْب من الذباب لكلّ شخص يتواجد في الاستراحات، وأنّه لا أثر للبلدية في القضاء على الذباب برشِّ الشوارع الطافحة بالمياه والمرافق العامّة التي تنطلق منها الأسراب وتغزو ما حولها، ويتجوّل الذباب واثق الخُطى بين جلسات الاستراحات ومطابخها ودورات مياهها كما يُقال باللهجة النجدية «ولا حَدْ يمّه»، فضلاً عن حالة العجز التي تُلازم الاستراحات في تقديم مُنتج بيئي ونظيف وحضاري لبضاعتهم، وهي في هذا مثل البلدية في مراقبتها المفترضة، إذ لديها حالة عجز رغم كلّ ما قيل وكُتِب عن هذه المشكلة في الماضي البعيد والقريب!.

ولا أخفيكم أنّني أكلْتُ من السمك بقرفٍ شديد، ومع كلّ لُقمة كنتُ أذكر اسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وآكل مرّة بيدي وأهشّ بنفس اليد ١٠ مرّات على الذباب الذي لا يكلّ ولا يملّ من التحليق فوق الطعام، مثل الصواريخ الحربية، كي ينتهز فرصة فينقضّ عليه، ناشراً الجراثيم والأمراض!.

وبعيداً عن السمك والذباب، إنّي أتساءل: متى تكون المحافظات النائية ومرافق الطرق المُؤدّية إليها «دانية» وليست «نائية» من قلوب الجهات المعنية بالخدمات؟! فليست الاستراحات هي الوحيدة التي تحتاج لمعالجة، فجلّ الخدمات فيها قصور ملحوظ، والخدمات البلدية أهمّها، والمحافظات النائية تستحقّ اهتماماً مماثلاً للاهتمام المبذول للمدن، وهذا النأي عنها هو أحد أسباب نفور شبابنا القاطن في المدن عن العمل والسكن فيها، فترونهم يفضّلون عليها المدن حتّى مع وجود شبح البطالة وهو يُحلّق مثل الذباب فوق رؤوسهم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store