Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

أغلِق الجوال لتنعم براحة البال

الحبر الأصفر

A A
لَابدَّ مِن الاعترَاف بأنَّ رَسَائِل الجَوَّال؛ فِيهَا شَيءٌ مِن الإيجَابيَّة المَحمُودَة، ولَكن لَا يُمكن أَنْ نَتجَاهل الأَثَر النَّفسي السّيئ؛ لبَعض هَذه الرَّسَائِل، التي تَحْمِل الشُّحنَات السَّلبيَّة، وتَعتَمد عَلى جَلب أَخبَار الإحبَاط والتَّشَاؤُم، والدَّعوَة إلَى اليَأس..!

تَصوَّروا هَذا المَشهَد: تَفتَح جَوَّالك فِي الصَّبَاح، فتَجد رِسَالَة مِن السيِّد (س. ن.)، تَتحدَّث عَن انفِجَار وَقَع البَارحَة فِي أَفغَانستَان. ثُمَّ تَفتح رِسَالَة «واتس أب» أُخرَى، وتَجدهَا مِن السيِّد (ع. خ.)، تُفيد بأنَّ رَجُلاً بمَنطقةٍ مِن المَنَاطِق، قَتَلَ زَوجته وأَبنَاءه الثَّلَاثة. ثُمَّ تَفتَح الرِّسَالَة الثَّالِثَة مِن السيِّد (ن. ج.)، وإذَا هِي تُخبرك عَن انهيَار فِي سُوق الأَسهَم. ثُمَّ تَفتَح الرِّسَالَة الرَّابِعَة مِن السيِّد (ب. ص.)، فإذَا هي تَتحدَّث عَن فَيضان أودَى بحيَاة آلَاف البَشَر..!

تَأمَّلوا بالله عَليكم هَذه الرَّسَائِل، التي تَأتيكم فِي الصَّبَاح، وأَنتُم تَستَعدّون لبدَايةِ يَوم جَديد؛ حَافِلٌ بالسَّعَادَة والسّرُور والانطلَاق..!

مِن نَاحيةٍ أُخرَى، دَعونَا نَلبس ثيَاب عُلمَاء النَّفس، ونُحلِّل أَسبَاب تَلذُّذ بَعض البَشَر؛ بنَشْر الأخبَار السيِّئَة، والأحدَاث المُؤلِمَة، وبَث الرُّعب وأَخبَار الفَاحِشَة بَين النَّاس، أَقول والله أَعلَم: إنَّ هَؤلاء المُرسِلين لَديهم طَاقَات سَلبيَّة كَبيرَة، وكميّة إحبَاط كَثيرَة، وتَشَاؤم عَالٍ، لِذَلك يَشعرون أَنَّ مِثل هَذه الأَخبَار؛ تُحقِّق لَهم تَوازُناً، وتُغذِّي سَلبيّتهم وتَشَاؤمهم، وحِينَ يَنشرُونهَا يُعالِجُون أَنفسهم؛ بتَعميم السَّلبيَّة، ونَشر أَخبَار الشَّرِّ، حَتَّى يَقوُلوا لأَنفسهم: إنَّ الشَّرَّ يَعمّ أَنحَاء الكُرَة الأَرضيَّة، والإحبَاط هو السَّائِد بَين النَّاس..!

ومِن جِهةٍ ثَالِثَة، سَألتُ يَوماً بَعض الذين يَحرصون عَلَى نَشر الأَخبَار السيّئَة، حَتَّى صَارُوا مِن المُتخصِّصين فِيهَا: لِمَاذَا تَفعلُون مَا تَفعلُون؟.. فقَالُوا: أَنتَ يَا أَحمَد كَاتِب، ونُريدك أَنْ تَطّلع عَلَى هَذه الأَخبَار، حَتَّى تَكون فِي الصّورَة، فقُلت لَهم: وَيحَكُم، مَتَى كُنَّا نَستَقي الأَخبَار مِن هَذه الرَّسَائِل؟، إنَّ الأَخبَار الحَقيقيَّة التي تَهمّنا، نَبحَث عَنهَا نَحنُ فِي أَمَاكِنهَا؛ ومَصَادرهَا المُعتَمدَة، ولَيسَت فِي رَسَائِلكم، التي يَغلُب عَليهَا طَابِع الشَّائِعَات، والأَخبَار النَّاقِصَة والزَّائِفَة..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقَي؟!

بَقَي القَول: لقَد كَتبتُ قَبل فَترَة نَاصيَة، قُلتُ فِيهَا: هُنَاك طَوَائِف مِن النَّاس؛ لَديهم طَاقَات سَلبيَّة، وشُحنَات رَديئَة مِن الإحبَاط، لِذَلك يُغرقوننَا بالرَّسَائِل السَّلبيَّة، والأَخبَار التَّشَاؤميَّة فِي وَسَائِل التَّواصُل، ولهَؤلاء أَقول: أَرجُوكم تَوقَّفوا عَن إيذَائِنَا برَسَائِلكُم، فنَحنُ إنْ كُنَّا سُعدَاء، فلَيس مِن اللَّائِق أَنْ تُفسِدُوا عَلينَا سَعَادتنَا، وإذَا كُنَّا تُعسَاء، فمِن المَعيب أَنْ تزيدُوا فِي كميّة تَعاسَتنَا..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store