Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

سكّر شوارع جدّة!!

A A
بين يديّ الآن صورة لبعض نتائج الأمطار التي هطلت على جدّة يوم الأربعاء الماضي، وقد أصدرتها مشكورةً الإدارةُ العامّة للمرور/ شُعبة السير وغرفة العمليات، وذكرت فيها أسماء ١٦ موقعاً على شوارع رئيسة وتُعتبر شريانات حيوية بالغة الأهمية، من التي تراكمت فيها مياه الأمطار الراكدة إلى منسوب يرتفع فوق مستوى الرصيف!.

وهذه النتائج تُذكّرني بتحليل السكّر التراكمي في دم الإنسان، وهو التحليل المهم بل الأهم لمرض السكّر، لأنّه يُبيّن المستوى الذي لا يمكن التغاضي عنه إذا ارتفعت إليه نسبة السكّر، خوفاً من ظهور مُضاعفاته الخطيرة، فيهرع الأطبّاء لمعالجته بكلّ ما وصل إليه العلم من حُقن وأدوية وسلوكيات!.

لكن ماذا عن شوارع جدّة؟ لماذا تُرِكَت وأُهْمِلَت حتّى تراكم سكّرها إلى ما فوق مستوى الرصيف؟ وهو المنسوب الذي لا يمكن التغاضي عنه، لأنّ الرصيف مثل الأنف لا يغرق صاحبُه ويموت ويختنق حتّى يرتفع منسوب المياه فوقه، ولو عُولِجت الشوارع من قبل لما تراكم سكّرها بهذا السوء، ونحن لسنا بصدد موقع واحد أو اثنين أو حتّى ثلاثة قد تراكم سكّرُها لدرجة خطيرة، بل شوارع كثيرة ومتصلة ببعضها مثل اتصال الأعضاء في الجسم الواحد، وتشغل مساحات كبيرة من جدّة، يعني تقريباً كامل المدينة، وينعدم فيها التصريف تماماً، ونسبة الأمطار تزداد كلّ عام وكذلك مرّات هطولها، ونحتاج لمعالجة جذرية لسكّر الشوارع، سواءً كان سكّرها على «الريق» وهو الناتج عن هطول الأمطار فجراً، أو بعد هطول الأمطار بساعتين، أو التراكمي الأخطر!.

وإن كان السكّر التراكمي للإنسان يُقاس مرّة كلّ ٣ أشهر، فالسكّر التراكمي للشوارع لن يُقاس مرّة كلّ سنة بفضل زيادة الأمطار ومرّات هطولها، وسيُقاس مستقبلاً في فترات أقلّ، وكما نحتاج لطبيب ماهر يعالج سكّر الإنسان المُبتلى به فنحتاج بالمثل لطبيب ماهر يُعالج سكّر الشوارع، قبل أن تظهر مضاعفاته الخطيرة، مثل بتر أطراف جدّة عن بعضها البعض، بسبب الغرغرينا المرورية الناتجة عن المياه الراكدة، وفشل التواصل المروري بين أجزاء جدّة كما عند فشل كِلية الإنسان في تصفية دمه، وإصابة قلب جدّة وما حوله بالإعياء من كثرة ما تراكم فيه من سكّر، إلخ إلخ إلخ!.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وقبل أن تسكت عن الكلام المُباح، دعت الله العليّ القدير أن يشفي كلّ إنسان من مرض السكّر، وكلّ شارع أيضاً من نفس المرض!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store