Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

لاعبو فلسطين.. يشعلون المنافسة في ملاعب مصر!

A A
عفواً عفواً.. هذا مقال في مقام السياسة، لا في الرياضة.. وفي الرياضةِ، لا في السياسة.. في الحالتين وفي كل الأحوال هذا مقال في حب الوطن.. وما أجمله من وطن! والذي حدث أنَّني تابعتُ وأُتابع -مثل الملايين- تنافُس الأندية المصرية المشتعل لخطف لاعبي فلسطين!، كان الأهلي يخطف السلمي نجم غزة، وكان بيراميدز يخطف حمدان، وكنتُ أُصفِّق من فرط الدهشة!

والحق أنني أُحب الأهلي بجماهيره العريقة، لكن حُبِّي للزمالك الذي خرج من السباق على لاعبي فلسطين أشد، وأُحب كل الأندية المصرية والعربية، لكن حُبِّي للأندية وللجماهير الفلسطينية في القدس وغزة، وفي حيفا ويافا وعكا والخليل أشد! وفي ضوء ذلك، تألَّمت لعدم حصول الفريق الأبيض على مدافع فلسطيني صلب، أو مهاجم مقاتل!

قالت الصحف والقنوات: إن الأهلي خطف السلمي «ميسي غزة» من أنياب الزمالك، والحق أنه خطفه من القلب، وإن بيراميدز خطف حمدان «ساحر الشجاعية» من براثن الأهلي، والحق أنه خطفه من الوجدان!

في كل الأحوال هنيئاً للفرق المصرية الفائزة بفنون أبناء فلسطين.. وطوبى لغزة أرض المواهب، المورقة والمصدِّرة للرجال، عبر الأجيال!

السلمي وحمدان من غزة، يُكملان مسيرة حالية، للاعبي فلسطين القادمين من الخليل «عبد اللطيف البهداري» الذي يؤدي في صفوف فريق «الجيش المصري»، ورمزي صالح حارس شباب جباليا الفلسطيني الذي يحرس مرمى «المصري»!

لقد سبقهم هدَّاف الزمالك الفلسطيني الفنان مصطفى نجم، الذي انتقل إلى الفريق الأبيض قادماً من أهلي غزة. وما أجمل أن يندمج الأبناء مع الأبناء، وأن تأتي الأنباء من حيفا ومن يافا مُؤكِّدة أن الأرض الفلسطينية ستظل عصية على المحتلين الدخلاء!

هكذا يُعيد «مسي غزة» و»حمدان الشجاعية» أمجاد لاعبي فلسطين الأوائل؛ الذين دخلوا قلوب المصريين.. فؤاد أبوغيدة أسطورة الوسط، ومروان كنفاني عملاق الحراسة في النادي الأهلي معشوق الملايين.

قبل سنوات، كنتُ أبحث وأسأل عن فؤاد أبوغيدة، الذي التقيته كثيراً في «فليت ستريت» بلندن، حيث كانت «الشرق الأوسط» هناك قبل انتقالها إلى «هاي هيلبورن»، وأخبرني زميل عزيز أن الفارس الفلسطيني سأل عني لأمرٍ هام.. اكتشفتُ فيما بعد أنه كان يستعد لإعداد فيلم وثائقي عن طقوس استلامه لمفاتيح بيته في حيفا.

وحين جمعتني طائرة مصر للطيران المغادرة من لندن إلى القاهرة بالمذيعة نجوى إبراهيم، سألتها عن زوجها مروان كنفاني، فقالت: شغلته السياسة، وحُب فلسطين عن ملايين المحبين.. والمثير في أمر الحارس الفلسطيني الجسور مروان أنه حرس مرمى أهلي سوريا، مثلما حرس أهلي مصر، ويا لعجائب القدر.

لم يُسعدني الحظ بلقاء مروان أو قراءة أُطروحاته السياسية العميقة في حب فلسطين، لكني قرأتُ كثيراً لشقيقه المبدع غسان كنفاني، خاصة روايتيه الجميلتين: «عائد إلى حيفا»، «أرض البرتقال الحزين»!

أعود إلى ملاعب الكرة، والسياسة أيضاً، فأقول بلغة جماهير الدرجة الثالثة يمين، والثانية شمال: إنه بالطول وبالعرض، سيجري «ميسي غزة» و»حمدان الشجاعية» يُسجِّلون الأهداف، ويدافعون عن الأرض، وبالعرض وبالطول سيمضي لاعبو فلسطين في الركض على الأراضي المصرية، رافضين الغياب والأفول!

طوبى لـ»ميسي» فلسطين، المُسجَّل تحت السن، ولكل عود أخضر، يأتي من شجر فلسطين الأحمر، ليهدي الأمل لأطفال المخيمات في الأردن أو في سوريا، أو لبنان أو تل الزعتر!

أقدام فلسطينية تجري على بساط ملاعب مصر.. كلها عزيمة.. قلوب لا تعرف اليأس، ولا تقبل الهزيمة.. إنهم يتمسكون بحتمية النصر!

حراس يقظة، ولاعبون يُدافعون بأعلام فلسطين عمَّا يزول، وأجنحة مُحلِّقة؛ تُوقن أن لا يأس مع الحياة ولا مستحيل.. قيّدوهم في الجداول كأجانب أو كمصريين، لا يهم.. إنهم يُدركون جيداً أنهم يلعبون ويُقدِّمون فنونهم في الملعب البديل مؤقتاً.. حتى يجيء الزمان الجميل!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store