Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أحمد عبدالرحمن العرفج

الفرق بين الأحياء والأموات هو استثمار الأوقات

الحبر الأصفر

A A
التَّعذُّر بضِيقِ الوَقت، وَسيلَةٌ مِن وَسَائِل الضُّعفَاء والعَاجِزين؛ للتَّهرُّب مِن إنجَاز مَهَامهم. والتَّحجُّج بأنَّ سَاعَات اليَوم لَا تَكفِي لإنجَاز المُهمَّات؛ مُجرَّد مُحَاولَة يَائِسَة مِن الإنسَان الفَاشِل، لكَي يُشعِر الآخَرين بأنَّه شَخصيَّة مُهمَّة، وأَنَّ جَدوله مُزدَحم بالأعمَال..!

لقَد قَرأتُ سِيَر أَكثَر النَّاجحين، ولَم أَجِد فِيهَا سَطراً وَاحِداً؛ يَشتَكي فِيهِ هَذَا النَّاجِح أَو ذَاك؛ مِن ضِيق الوَقت، بَل كُلّهم كَانوا يُؤكِّدون؛ أَنَّ هُنَاك مَا يَكفي مِن الوَقت لكُلِّ شَيء..!

إنَّ مُشكِلَة الوَقت لَيسَت فِي عَدَد سَاعَاتهِ، ودَقَائِقهِ وثَوانِيه، وإنَّمَا فِي طَريقة تَوزيعه، وكَيفيّة استثمَاره، والغَريب أَنَّنا نُردِّد دَائِماً مَقولة: «الوَقت مِن ذَهَب»، ونَنْسَى أَنْ نُعَامل الوَقت بمِيزَان الذَّهب..!

أَكثَر مِن ذَلك، تَطلُب مِن أَحدِهم أَنْ يَقرَأ، فيَقول لَك: «لَيتَني أَجد وَقتاً للقِرَاءَة»، وهو -فِي نَفس الوَقت- عَاكِفٌ عَلَى «الوَاتس أَب»، يُرسِل عَشرَات الرَّسَائِل، التي لَا تُفيد ولَا تُضيف ولَا تَنْفَع..!

وأخيراً.. يَبدو -والله أَعلَم- أَنَّنا بحَاجةٍ إلَى إدرَاج مَادة فِي الصّفُوف الدِّراسيَّة؛ بعنوَان: «أَهميّة الوَقت»، بحَيثُ تَشتَمل هَذه المَادَة عَلَى إدَارة الوَقت وتَنظيمه، وطَريقة تَوزيعه، وكَيفيَّة إنفَاقه، ليُحقِّق التَّوازُن والتَّكَامُل بَين جَوانِب العَمَل، والنَّوم والتَّرفيه..!

حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!

بَقي القَول: يُحَاول البَعض أَنْ يُشعِرك أَنَّه مَشغُولٌ دَائِماً، ويُوهِمك بأنَّه لَا يَجد وَقتاً ليَحكّ رَأسه.. ومَا عَلِمَ هَذا المسكِين أَنَّ العِبْرَة بالإنجَاز، ولَيسَت بادّعَاء الانشغَال، لأنَّه لَا يُدرك الفَرق الكَبير بَين التَّشَاغُل والانشِغَال..!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store