Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

عند طبيب المفاصل.. لا تفاصل!

A A
أحد أهم المشاكل في جسم الإنسان هي العظام، وأهم جزء في العظام، المفاصل، والتعبير النبوي لكلمة المفصل هي قوله عليه الصلاة والسلام: «سلامى»، وأثبتت الدراسات التشريحية أن عدد المفاصل في جسم الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، وهذا العدد متطابق لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي جاء ذكره في صحيح مسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (أنه خُلِقَ كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل)، ونص هذا الحديث في حد ذاته يدل على أن ما صح عن الرسول الكريم إنما هو وحي يوحى، وبالنظر إلى الخارطة التشريحية لجسم الإنسان والتي لا يزال العلم الحديث يتناولها بمزيدٍ من الجديد، سواء على مستوى التشريح البيّن أو التشريح الدقيق، فإننا نجد أن عدد المفاصل تحديداً ستون وثلاثمائة، فسبحان من علَّم محمداً صلَّى الله عليه وسلم ذلك، والتخصص اليوم في العظام دقيق، فهناك من الأطباء مَن تخصصهِ الدقيق «العمود الفقري»، ومنهم متخصص في الركبة، ومنهم مَن تخصَّص في الحوض، ومنهم متخصص في التهابات المفاصل، وكلهم من اصحاب الكشفيات والعمليات باهظة الثمن، والأمور عندما تصل للمفاصل، فلا تفاصل، لأن بعض الأطباء مُصابون بالجشع المادي، وهذا نداء لوزارة الصحة بضرورة تحديد قيمة الكشف والعملية، لأنه إلى الآن هناك غياب تام بهذا الخصوص لدور الوزارة، وهذا ينسحب على معظم التخصصات والعيادات الطبية.

بقي أن نذكر: إن نعمة سلامة العظام وطريقة عملها، وحركة المفاصل وتحريكها للعظام في الجهاز العظمي والهيكلي، ليست بالأمر البسيط، وعندما يفقد الإنسان شيئاً من عمل تلك المفاصل، فإنه لا يستطيع التحرك، ويتحول من إنسانٍ؛ كان طليقاً يسرح ويمرح في الهواء الطلق، ويمشي ويجري ويقفز في الهواء كيف يشاء، إلى إنسانٍ حبيس الأرض ملتصق بها،

وأحياناً لا يستطيع أن يمد يده إلى فمه، ولا يستطيع أن يخطو خطوة واحدة، فهذه المفاصل مِن نِعم الله على الإنسان، والنعم عندما يتطبعها الإنسان، ولا يتذكَّر فضل الله عليه فيها، تتبلَّد الأحاسيس نحوها، لذلك جاء التوجيه النبوي الكريم بالتنبيه عليها، ومن أهم تلك النعم: نعمة المفاصل، لأنها عليها -بعد الله- يعتمد الإنسان في الحركة لخدمة نفسه بنفسه، فقال صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى على الناس صدقة)، أي أن أداء حق نعمة كل مفصل في جسمك عليه صدقة، والجميل في الحديث النبوي هو توضيح المقصود بالصدقة بأنها التنوع في الأعمال، وليست هي المال فقط، كما جاءت في أحاديث متفرقة كالتالي:

١- كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين، صدقة.

٢- تعين الرجل فتحمله على دابته أو تساعده في حمل المتاع، صدقة.

٣- الكلمة الطيبة، صدقة.

٤- كل خطوة إلى المسجد، صدقة.

٥- إغاثة الملهوف، صدقة.

٦- إماطة الأذى عن الطريق، صدقة.

٧- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، صدقة.

وغير هذا كثير من الأعمال التي تجعل من حق الله علينا، التذكير بنعمة شكره لنعمة المفاصل، وفِي هذا ربط بين سلوكيات الإنسان وأداء مفاصله، حيث من بقاء النعم وعدم زوالها هو شكر المنعم عليها.

أبقى الله لنا مفاصلنا وعظامنا سليمة طيبة، ويمنُّ الله على كل من فقدها أو بعضها بالشفاء.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store