Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
منى يوسف حمدان

القيادة.. ومهارات المستقبل

A A
قبل فترة وجيزة انتهى مؤتمر هيئة تقويم التعليم، الذي تناول موضوع القيادة ومهارات المستقبل، وكانت جلساته العلمية متاحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فشكرًا للتقنية التي تجعلك تتلقى علمًا نافعًا عن بعد.

في مجال العلوم الإدارية كل يوم جديد؛ لأننا نتعامل مع بشر يختلفون في أنماط شخصياتهم ولغة الحوار التي تدار بينهم، والفكر الذي يعتنقه كل فرد منا بناء على خبرة أو علم تعلّمه، أو بيئة معينة قد تفرض أنماطها على سلوكيات البشر، هناك من يؤمن بالمدارس التقليدية في علم الإدارة، ولا يعي متطلبات العصر الحديث في حياته وممارسته العملية، يُردِّد نظريات وينظر لأفكار لا يُنفِّذها ولا تتحوَّل لسلوكٍ واضح وجلي. مَن يقود المؤسسات اليوم لابد أن يحترف القيادة الفاعلة، ليُحدث تغييرًا مرتقبًا وفق رؤية طموحة تُعانق السحاب. فمن خلال متابعتي لإحدى جلسات العمل نصح المدرب بكتاب يحمل عنوان (تحديات القيادة)، وهو مترجم من مكتبة جرير، يُحلِّق بنا في عالم التحديات لقيادة المؤسسات؛ كي تدفع الموظفين إلى التقدم لابد من تحفيزهم وحثهم على العمل بطريقة مبتكرة، بعيدًا عن التقليدية في العمل، والتعامل برقي مع الكفاءات والقدرات الفكرية والعملية والشخصيات المؤثرة في المجتمع المهني.

القيادة ليست هواية وليست فطرية، بل يمكننا تعلُّم فنونها إن رغبنا في ذلك، مع إيماني العميق بأن سماتٍ شخصية لا بد أن يكون للفرد حد أدنى من امتلاكها؛ ليكون قائدًا فاعلًا ومؤثرًا، وصاحب قرار يُحدث نقلة نوعية في المؤسسة التي يُديرها.

مَن يمتلك رؤية واضحة ونظرة استشرافية للمستقبل ويُمكِّن فريق العمل بحيادية دون تحيُّز ولا إجحاف بحق أحد، ومن يتبنَّى قيمًا عليا يُطبِّقها فعليًّا، ويسعى لإقناع منسوبي المؤسسة لتبنِّيها، والعمل على تحقيقها، سيكون حقًّا قائدًا قادرًا على اجتياز التحديات، ومعلمًا لفريق العمل كيف تتجسَّد القِيَم، لتُصبح سلوكًا نعيشه، وليست كلمات تُنقش على الجدران، أو يحتفظ بها في ذيل الصفحات.

القائد الحقيقي يمتلك قدرة عالية على التواصل مع الجميع، ويحتفي بالمنجزات، ويخلق روح عمل جماعية تسودها الألفة والتعاون والإيثار، والعمل معًا كأسرة واحدة على قلبِ رجل واحد.

وأنا أتصفَّح هذا الكتاب، تراءى أمام عيني شخصيات مؤثرة وقيادات فاعلة، عملتُ معها على مدار سنوات طويلة قضيتها بين أروقة التعليم في المدارس والإدارات في شرق المملكة وغربها، تعلَّمت منهم ما لم أتعلَّمه من كتبٍ ومراجع علمية، الخبرة تكتسب من الاحتكاك المباشر مع أصناف وأطياف بشرية مختلفة، وتأكدتُ من أن لغة التواصل الإنساني الراقية تُوصلك لأهدافك بعيدًا عن التعصب للرأي، وبعيدًا عن الشحناء والبغضاء، ومراعاة النفسيات والأحوال التي تتحدث فيها مع الآخر، وإتاحة الفرصة له لإبداء الرأي واحترامه.

القائد القوي هو مَن يعترف بقدرات فريق عمله، وينسب الفضل لأهله، ويكرمهم ويعلي من قدرهم ويحفزهم في كل محفل بما يُناسبه، الإنسان لا يكبر عن كلمة شكر وثناء وإشادة واعتراف بعمله وإنجازه، وإلا ما فائدة التنافس والمسابقات والجوائز إن لم تكن عامل بناء وتطوير وتحسين للأداء وحفز لمزيدٍ من العطاء والإتقان.

نحن بحاجة إلى تجديد الفكر القيادي للمؤسسات، وخاصة التعليمية منها؛ لأننا نتعامل مع عقول بشرية يُعوَّل عليها بناء مستقبل الوطن، والارتقاء بمخرجات تعليمية مواكبة للقرن الحادي والعشرين.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store