Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

رسالة إلى وزير التعليم

A A
• نهنئكم أولًا بالثقة الملكية بتعيينكم وزيرًا لوزارة التكوين والتنشئة، ونتمنَّى لكم كل التوفيق والنجاح في هذه الوزارة الاستراتيجية، التي لا شك أن أي تغيير فيها يُحرِّك الأحلام؛ ويحيي الكثير من الآمال والأمنيات الراكدة في نفوس معظم شرائح المجتمع؛ نظرًا لتأثيرها المباشر على كل بيتٍ في الوطن.. فتطوير وتحسين التعليم وتجويد مخرجاته ليست هاجسًا محليًّا فقط، بل تُمثِّل اليوم مطلبًا وتحديًا عالميًّا لجميع حكومات وشعوب العالم؛ من أجل صناعة مستقبل أفضل لها ولأبنائها.

• ولا شك أن معاليكم كمسؤولٍ سابق في الوزارة؛ وكمواطن وأب قبل ذلك، يُدرك حجم التحديات الكبيرة والملفات الشائكة والثقيلة التي تُواجه هذه الوزارة منذ زمن، وأهمها ضعف المخرجات، وتعثُّر خطط التطوير التي بالرغم من النفقات الهائلة التي قدَّمتها حكومة خادم الحرمين الشريفين فإنها ما زالت دون المأمول بكثير، فلم تظهر لها أي نتائج ملموسة على الواقع التعليمي المحلي؛ ما يجعل السؤال: ما الذي يُعيق هذه الخطط المليارية ويُقلِّل من نتائجها؟.. سؤالًا مشروعًا ومُلحًّا.

• هذا السؤال المهم أجاب عنه تقرير لهيئة تقويم التعليم في السعودية قبل سنوات؛ إذ أشارت الهيئة صراحةً إلى أن 66 % من مُعلِّمي السعودية مُصابون بالإحباط!! ولا أعرف في ظل هذا الرقم المفزع والصادم الصادر عن جهةٍ رسمية وموثوقة، كيف يُمكن لنا الحديث عن تطوير للتعليم؟! وكيف لا تُجنِّد الوزارة كل طاقاتها من أجل علاج هذا الخلل البنيوي الظاهر؟!. فلا يخفى على علم معاليكم أن الرضا الوظيفي هو أهم عوامل ضمان العطاء والإنتاجية في أي مهنة، فكيف والمهنة هي التعليم الذي أصبح (ثلثا) ممارسيه يشعرون بعدم التقدير، إما بسبب بعض التصريحات المستفزِّة التي تَصدر عن الوزارة بين فترةٍ وأخرى، وإما بسبب تأخير بعض حقوقهم المالية، وإما بسبب بطء حركة النقل، وإما بسبب تطويل أوقات الدوام وتقليص الإجازات استجابةً لبعض الضغوط الخارجية، وإما بسبب المحسوبيات وانتشار (الشللية)، وهذه الكارثة الأكبر التي لا تحترم الأفضلية أو الأقدمية أو حتى الكفاءة، أو بسبب -وهذه ثالثة الأثافي- تضخُّم الإدارات الوسطى ومكاتب التعليم التي يتعامل معظم منسوبيها مع المعلم بدونية منفرة، تُذكِّره بأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة!.

• لا أظنني بحاجةٍ لوضع بعض مقولات الفلاسفة والمُفكِّرين التي تُوضِّح خطورة دور المعلم في المجتمع، مثل الألماني (كانت) الذي يقول: «إن السياسة والتعليم هما أصعب حِرَف البشر على الإطلاق»، كل ما أردت قوله: (وأظنكم تتفقون معي فيه) هو التأكيد على حقيقة أن المعلم هو المحور الأهم في العملية التعليمية (مع احترامي لكامل المنظومة)، وأنه لا نجاح لأي تطوير لا يأخذ برضا المعلم الوظيفي؛ وتلبية احتياجاته، وتطوير قدراته، وإشعاره بالثقة في نفسه وفي دوره الاجتماعي، والأهم ضمان ترقِّيه الوظيفي دون حاجة للتسوُّل وإراقة ماء وجهه.. ولنا في فنلندا وسنغافورة خير مثال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store