Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

«تيريزا ماي».. بين صوت الشعب وأعضاء البرلمان!

A A
يبدو أن السيدتين اللتين تولتا رئاسة الوزراء في بريطانيا، المسز «تاتشر» و«تيريزا ماي» مؤمنتان كل الإيمان بمسألة التحرر الاقتصادي لبلدهما وفق نظرية يؤمنان بها، فالسيدة «تاتشر» المرأة الحديدية، كانت تؤمن بالتحرر الاقتصادي على الصعيد الداخلي، وتعتقد أن هيمنة الحكومة على الاقتصاد منذ الحرب العالمية الثانية قد أوقف النمو وعطل الابتكار في بريطانيا، وأن السوق الحر هو أفضل السبل لتحديث البلاد، وكانت تكن عداءً خاصًا للشركات الاحتكارية في كل الميادين بسبب ممارستها القمعية في كل مجال، فعملت السيدة «تاتشر» على شل حركتها وإضعاف أهميتها، وأشركت قوى السوق في تمويل الخدمات العامة كالصحة والتعليم.

بعد سنوات من دخول بريطانيا للسوق الأوروبية المشتركة جاء من يطالب بالخروج منها، جاءت هذه المطالب في عهد رئيس الوزراء السابق «ديفيد كاميرون»، وبذل جهودًا مضنية من أجل البقاء محذرًا من القفز نحو المجهول الذي لا رجعة فيه، وسيكون له تداعيات خطيرة على بريطانيا وعلى الأسرة الأوروبية على حد سواء اقتصاديًا وسياسيًا، وحتى ينأى بنفسه عن المسؤولية، دعا سنة 2016 للاستفتاء على عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي، وطالب الشعب البريطاني بأن يصوت إلى جانب البقاء، إلا أن الاستفتاء أظهر أن 52% من الشعب يؤيدون ترك الاتحاد الأوروبي، مقابل 48% يؤيدون البقاء داخله، مما دفعه إلى تقديم استقالته في اليوم التالي للتصويت.

وعلى الرغم من أن المؤسسات الدولية، كصندوق النقد الدولي، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية قد حذرتا من الخروج، وأكدتا بأنه سيؤدي إلى عواقب سلبية على المدى البعيد، علاوة على التبعات الاقتصادية الفورية على البلاد، مثل التقلبات القوية في الأسواق واحتمال انهيار الجنيه الإسترليني، إلا أن رئيسة الوزراء الحالية «تيريزا ماي» لم تعط تلك التحذيرات أي اهتمام، ورأت بأن لا بديل لخطتها للخروج من الاتحاد الأوروبي، ولا يوجد منهج مختلف يمكن أن تتفق بلادها عليه مع الاتحاد الأوروبي، وترى بأن رفض أعضاء البرلمان للاتفاق يعني مزيدًا من الانقسام، ومزيدًا من الغموض، وإخفاقًا في تحقيق نتيجة تصويت الشعب البريطاني، وترى بأن الانسحاب يعني أنه سيكون لبلادها سياسة تجارية مستقلة حتى تتمكن من توقيع اتفاقات تجارية مع دول في مختلف بقاع العالم، ويعيد السيطرة للبريطانيين على قوانينهم وأموالهم وحدودهم.. ورغم أن الشعب البريطاني صوَّت للخروج، إلا أن البرلمان قد يُصوِّت للعكس.. فأي جبهة ستنتصر: البرلمان أم الشعب؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store