Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

لماذا يُستهدف شبابنا؟!

A A
بعد سنوات من اندلاع ثورات ما عُرِفَ بالربيع العربي؛ اكتشفنا أن تلك الثورات ليست ربيعاً عربياً، بل تدميراً أُعد على مهل، استغل الشباب المكوِّن الرئيس للمجتمعات العربية في ذلك الوقت، ولازال حتى هذا الوقت.

ما يُؤسف حقاً، أن ذلك الاستقطاب نجح في غسيل أدمغة الشباب، وتصوير الثورة طريقاً مفروشاً بورود الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفي غمرة التأجيج والشحن والتحريض لم يتوقف أحد من المفكرين والمستنيرين ليرشد أولئك المُغرّر بهم، بل ركب الموجة وسار معهم كي لا يحرم من كعكة الانتصار.

أخبرتنا الأيام المتتالية والسنوات بعد ذهاب سكرة الثورات، أنها لم تكن سوى إرادة شيطانية لتدمير الوطن العربي، واكتشف الثوار أنفسهم الخدعة الكبرى التي كانوا هم أذرعها التي دمَّرت مكتسبات أوطانهم، وأنهم حققوا أهداف أعدائهم وضيّعوا أحلامهم.

خلال تلك الموجة الثورية، لم يتمكَّنوا من النفاذ إلى عقول شبابنا لإحداث ثورة ربيع عربي في السعودية، فالرابطة الشعبية القوية تُؤمن بالأمن والأمان والاستقرار الذي تعيشه وبينها وبين قيادتها ثقة ومحبة واعتزاز، أفشلت مخططاتهم، لكنهم غيّروا وسائلهم إلى استهداف بعض الشباب ضعيف الشخصية والذي يفتقد الثقة في قدراته الشخصية واستخدموا قنوات التواصل لاستدراجهم خارج الوطن، بينما ظلت المرأة السعودية وسيلتهم لتوجيه سهام النقد والاتهام، وأصبح استدراج الفتيات وسيلة من وسائلهم الخبيثة لتعكير نهر الحياة الجارية في السعودية بسلاسةٍ وعذوبة بعد حركة التغيير والإصلاح الواسعة والشاملة، تنظيمية وإجرائية، قانونية وحقوقية؛ فكل أمور المواطن أصبحت تُنجز في دقائق، وهو في منزله، ولم تعد المرأة كما كانت تفتقد الكثير من الحقوق وتطالب بها، بل أصبحت تنعم بالكثير، فلم يبقَ لها ما يُجبرها على الشكوى من العنف أو التحرش أو المنع والحجر والاضطهاد، بل لديها كل الوسائل والأساليب للتواصل مع جهات الحماية والأمان ورفع المعاناة أو الظلم عنها، لذلك أصبح استهداف الفتيات الصغيرات قليلات الخبرة هدفاً لأعداء الوطن لضرب حركة التغيير والإصلاح، وإيهام المجتمع الدولي بالوضع المتردِّي المزعوم للمرأة في السعودية على غير الحقيقة، لذلك تُثار الزوابع حول حادثة واحدة فردية ولا تُمثِّل ظاهرة اجتماعية، بل هي مشكلة أسرية، ونزق طفولي أو رعونة مراهقة ليس أكثر، لذلك لابد أن نتعامل مع مثل هذه الحوادث الصغيرة في إطارها الضيِّق، ولا يمكن أن تُصيبنا بالذعر، ونساهم في تأجيج الخوف وإكثار الكلام حولها، بل تجاهلها وعدم تداولها أو تداول ما يُقال حولها، كي لا نُحقِّق أي مأرب من مآربهم الخبيثة، كذلك رأفةً بأسرة الفتاة المُغرّر بها والتي استدرجت بطريقة تُثبت أن خلف هروبها عقولاً مُدبِّرة، أعطتها كل المعلومات عن اللجوء، والأمم المتحدة، وأسماء المحامين، حتى الصورة التي نُشرت لها وهي معتصمة بغرفة في مطار تايلاند، كيف التقطتها؟، فهمت بعد ذلك أنها أُخذت لها من آخر، كان أو كانت معها في الغرفة.

إذا كانت ضحية مكرهم فتاة لا حول لها ولا قوة، أين الحقوق التي يُدافعون عنها؟، أين حق هذه الفتاة في الحياة الكريمة التي تُوفِّرها لها أسرتها، وحقّها في المواطنة في وطنها؟، أين حق والديها في الاستقرار النفسي والأسري والطمأنينة؛ بعد أن سُلبت منهم قسراً؟، أين هي الحقوق التي يُدافعون عنها؟، وكيف يُمكن لفتاة غضّة أن تنزع من حياتها وتلقى إلى المجهول والخوف ومستقبل محفوف بالخطر حد السقوط في مجتمع بلا قِيَم.

هذه القيم الحقوقية التي تدعو إلى الحرية المطلقة، لا تستقيم في مجتمعاتنا الإسلامية التي تحافظ على كيان الأسرة وتحفظ حق الفرد داخل كيانها الحميم، هي هذه الحقوق التي يفتقدها مَن تستلب لبّه شعاراتهم، ويستجيب لوسوسة أفكارهم، لكن بعد أن تقع الفأس في الرأس، ويفقد حقوقه الأسرية والوطنية، ويصبح هارباً متشرداً، وخنجراً في خاصرة وطنه ومجتمعه!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store