Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. بكري معتوق عساس

مقاهٍ سادت ثم بادت

بانوراما

A A
المقاهي في مكة المكرمة، كانت المتنفس الوحيد لأبنائها قديماً ومكاناً للقاء الصحبة والأصدقاء خارج المنزل لأن بيوت مكة عموماً لها خصوصيتها وحرمتها. وكانت المقاهي، مكاناً مفضلاً يرتاده الأدباء والشعراء من أبناء مكة. على مستوى العالم هناك الكثير من المقاهي التي نالت شهرتها من المشاهير من روادها مثل مقهى (أبولدا) في ألمانيا نال شهرته لأن (نابليون بونابرت) كان يقضي بعض أوقاته فيه. وفي الحي اللاتيني الشهير بباريس نالت بعض مقاهيه شهرتها من ارتياد بعض أدباء ومفكري فرنسا أمثال (جان بول سارتر) و(سيمون دي بفوار). وفي لندن لا تزال المقاهي منذ العصر الفيكتوري تعلق صور العظماء الذين ارتادوها أمثال (لورد بايرون) و(شيللي). في مصر هناك مقاهي (نجيب محفوظ) و (الفيشاوي) و(أم كلثوم) و(بعره) وغيرها، التي لعبت دوراً في الثقافة المصرية وارتادها أهل الفن والأدب والثقافة من أمثال (بيرم التونسي) و(أحمد رامي) و(نجيب الريحاني) و(فريد شوقي) وغيرهم. في مكة المكرمة الكثير من المقاهي التي نالت شهرتها قديماً، غير أن مقاهي شارع إبراهيم الخليل عليه السلام في حي المسفلة مازالت في الذاكرة لأني ولدت وترعرعت في هذا الحي. أذكر منها: مقهى العم (عباس أبو فراج ) رحمه الله بالقرب من الحرم المكي وأمامها الحمامات، يقف بجوارها بعضٌ من أصحاب أباريق الماء الذين يزودون المصلين بها مقابل مبلغ بسيط، وكان يجتمع فيها بعض أعيان المسفلة، وكان الوالد رحمه الله يصحبنا معه ونحن صغار للجلوس في المقهى في صباح أيام الجمع، ومن ثم نذهب إلى الحرم لأداء صلاة الجمعة. وعند مدخل زقاق البرسيم يوجد مقهى السقيفة بالقرب من الدار التي كنا نسكن فيها والعائدة لوقف الأغوات، ومقهى الشجرة بجوار مسجد سيدنا حمزة يجتمع فيها البدو ببضائعهم من سمن بري وعسل وجبن بلدي، ومقهى العم (يحيى مالنتا) في نهاية الشارع، ومقهى عم (عبده غلغل) وبجوارها مقهى (عم حنش )عند مدخل دحلة الولاية حيث يتجمع العمال والمعلمون لمختلف المهن من نجارين وبنائين ومبلطين وغيرهم بعد صلاة الفجر استعداداً للذهاب لأعمالهم، وكانوا من أبناء مكة وقليل من الوافدين وبالأخص من الإخوة القادمين من آسيا وأفريقيا رغبة في الجوار الكريم. أما في الشارع الثالث فكان مقهى (عم شيهو) ومقهى (عم صالح عبد الحي) ومقهى (الكنكار) وأشجاره التي كانت قيلولة مفضلة لكثير من سائقي المركبات في ذلك الوقت. كانت حدود عمران مكة جنوباً، تنتهي عند بستان باخطمه، والمقاهي في تلك المنطقة تعتبر للنزهة والخروج الى خارج المدينة للاستمتاع بالهدوء والهواء الطلق، منها مقهى عم (حسن مطر) ومقهى عم (حسين باجراد) ومقهى (البناني).
ونتيجة للتوسعات الكبيرة التي قامت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله في مكة المكرمة خدمة للحجاج والمعتمرين والزوار لم يعد لهذه المقاهي أي أثر وأصبحت في ذاكرة بعض من سكان مكة المكرمة شرفها الله.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store