Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عاصم حمدان

حاتم قاضي.. الإنجاز والإنسانية

رؤية فكرية

A A
قد لا تسعفني ذاكرة الكهولة عن تذكّر المرّة الأولى التي قابلت فيها هذا الإنسان حاتم قاضي، ويبدو أنّ علاقة الوالد الشيخ عبدالله بصنوي، أحد وجهاء مكّة المكرمة، ورجالها البارزين في الحقبة المنصرمة، بالإنسان المهذّب، ورجل الإدارة المعروف في البلد الحرام؛ أعني الأستاذ أحمد شافعي، كانت وراء معرفتي بـ»أبي حسن». ومن اشتغلوا بشيء من فن النّسب يدركون أنّ خؤولة عزيزنا حاتم وإخوته هي في بيت الشافعي.

ومرّت الأيام بكلّ ما تحمله من إشراقات وصعوبات؛ فإذا بوزارة الحجّ، وفي حقبة وزيرها الأكاديمي المفكّر المعروف معالي الدكتور محمود محمّد سفر، تجمّعنا تحت سقف واحد، فلقد أسند الدكتور سفر شؤون مكتبه للأستاذ حاتم قاضي، والذي كان قد قضى بعضًا من الوقت في العمل برابطة العالم الإسلامي، وحسب ما تسعفني الذاكرة فقد كان ذلك في العام 1414هـ. وفي ردهات الوزارة لم يكن يخفى ما يجري تحت ستارها الشفّاف من صراع بين جيلين، أو فكرين، أو منزعين؛ يعرفهما من عايش تلك الحقبة معرفة وثيقة، لكنّ شخصية الوزير؛ بهدوئها وبساطتها وبُعد رؤيتها، كانت قادرة على دمج كلّ المنازع، وكان الأستاذ حاتم الشخصية المؤتمنة على تنفيذ برامج وخطط الوزارة، بعد انفصال شقّ الأوقاف عنها، حرصًا من الدولة السنية على الاستجابة لمتطلبات شعيرة الحجّ، وتقديم كل الخدمات لحاجّ بيت الله وزائر مثوى سيّدنا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم.

كان عزيزنا «أبو حسن» من أكثر الشخصيات التي جمعت بين منازع ومواهب شتّى، مما يدخل أو يصنّف في دائرة الاجتماعي أو الفكري أو الإداري. وكانت ابتسامته الدائمة والصادقة قادرة على تبديد كلّ ما يمكن أن يعيق العمل المطلوب، والإنجاز السريع، مما أكسبه ثقة من عمل معهم؛ وخصوصًا من قبل شخصية مثل شخصية معالي السيد إياد مدني، الذي خلف معالي الدكتور سفر في القيام بمهام شؤون الوزارة الأم. ويسجل التاريخ للسيد إياد أنه كان أول وزير يقوم بإجراء انتخابات في مؤسسات الطوافة.

ولعلي لا أذيع سرًّا بالقول إن مقاييس «أبي مازن» هي من الدقّة والانضباط، والذي لا يمكن لأي شخص من الأشخاص أن يكون قادرًا على المواءمة معها، لكن الأستاذ حاتم استطاع أن يحوز على تلك الثقة، ويوافي تلك المعايير. كما حاز أيضًا على ثقة معالي الدكتور الصّديق فؤاد فارسي، والذي كان حريصًا على تثبيت دعائم مؤسسات الطوافة ودعم كينونتها وإعطائها سمة الثبات بعد أن كانت تجريبية.

ويذهب جيل، وتعقبه أجيال، ويبقى «أبو حسن» مرجعًا للذين علوه مرتبة إدارية، وربما لم يصل بعضهم إلى ما تمتّعت به شخصيته من وداد، وتعامل حضاري، وقدرة على تقريب وجهات النّظر، وخصوصًا بين الأجنحة المتزاحمة في ردهات الوزارة.

وأختم هذه السّطور بشهادة صادقة، بعد أن أصبحت خارج دائرة العمل الرّسمي في الوزارة، أن الأستاذ حاتم من قلائل النّاس الذين يحفظون الود، مهما طال الزمن، وخاصة لمن كان يعمل معهم، فقد ظل يواسيهم، ويقف معهم في كل المناسبات التي تتطلّب وقفة صديق، ومؤازرة عزيز.. وأقولها صادقًا إن حاتم يحفظ العِشرة، ويتذكّر المعروف، في الوقت الذي ينسى فيه البعض أو يتناسى.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store