كَثيرٌ مِن المَفَاهيم تَحتَاج إلَى مُرَاجعة، وتَجديد الصَّلَاحيَة، وإعَادة النَّظَر، فمَا كَان صَحيحاً بالأَمس، قَد يَكون اليَوم نَاقِصاً أَو مَغلُوطاً.. وإليكُم الدَّليل:
قَبل أَكثَر مِن ثَلاثين سَنَة، كَان النَّاس إذَا رَأوا شَخصاً مُتفوِّقاً فِي دِرَاسته، قَالوا إنَّه ذَكي.. هَكَذا بشَكلٍ مُطلَق. ولَكن مَع تَطوُّر العِلم، وتَدفُّق الفِكر، وانبثَاق المَعرفَة، اكتشفنَا أَنَّ الذَّكَاء ذَكَاءَات، وأَنَّ الأَذكيَاء أَنوَاع، بحَيثُ يَرتَبط ذَكَاؤهم بتَخصّصهم، الذي بَرعوا فِيهِ، ولَيس فِي الذَّكَاء فَقَط..!
لقَد خَرج عَلينَا عَالِم النَّفس «هوارد غاردنر»؛ بنَظريّة الذَّكَاءَات المُتعدِّدة Multiple Intelligence، التي تَقول بوجُود العَديد مِن الذَّكَاءَات؛ التي تُضَاف للتَّواصُل اللُّغوَي، والتَّفكير المَنطقي، وهي الذَّكَاء البَصري/ المَكَاني، والذَّكَاء المُوسِيقي/ النَّغمِي، والذَّكَاء الجسمِي/ العَضلي، وذَكَاء المَعرفَة الذَّاتية/ مَعرفة النَّفس، وذَكَاء مَعرفة الآخَرين. ولَاحِقاً، اعترَف «غاردنر» بإمكَانيّة وجُود ذَكَاءَات أُخرَى، يَعمل العِلْم عَلَى اكتشَافهَا.. وحَتَّى عَام 2016م؛ أَضَاف «غاردنر» ذَكَاءين عَلَى النَّظريَّة، وهُمَا: ذَكَاء عَالَم الطَّبيعَة، وذَكَاء التَّعليم. وكَان قَد تَحدَّث عَن إمكَانية اعتبَار المَعرفَة الوجُوديَّة، ذَكَاءً مُنفَصِلاً..!
حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟!
بَقي القَول: يَا قَوم، بَعد هَذه النَّظريَّة، أَرجُوكم لَا أَسمَع أَحداً يَقول: (إنَّ فُلاناً ذَكي)، بَل يَجب أَن يُحدِّد المَجَال؛ الذي يَتخصَّص فِيهِ الشَّخص فِي الذَّكَاء، فمَثلاً يُمكن أَنْ نَقول: (فُلَان ذَكي اجتمَاعيًّا، وعِلَّان ذَكي دِرَاسيًّا، وثَالِث ذَكي اقتصَاديًّا، ورَابع ذَكي مُوسيقيًّا، وخَامِس ذَكي «طبخيًّا»؛ أَي فِي الطَّبخ، وسَادس ذَكي سيَاسيًّا، وسَابِع ذَكي لُغويًّا)... إلخ..!!
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
