Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

أيها الخائضون في «الأحوال الشخصية» لا تُغضِبُوا الأزهر!

A A
في زحمة التراشق والاستقطاب المقيت، لم أصدق أن أحداً في مصر يريد أن ينحي الأزهر عن قانون الأحوال الشخصية! والحق أنني تعاملت مع كل التسريبات والشائعات والتغريدات على هذا النحو من عدم التصديق حتى سمعت زمجرة الإمام الأكبر «الأزهر ليس جهة تشريع، ولا دخل له بالتشريعات، لكن حين يتعلق الأمر بقوانين مصدرها الشريعة الإسلامية فلا يترك الأمر لغير العلماء».

هذا هو الأزهر الذي أعرفه.. يصمت فترة، فيظن البعض أنه أبكم.. بل قد يتأبكم عند الفتنة، لكنه عند الجور وعند العبث يزمجر!.

أتحدث هنا عن الأزهر، لا عن قانون الأحوال الشخصية، ولا عن أي قانون آخر، فقط أدافع عن الأزهر باعتباره في المسائل الفقهية، الأقدر والأخبر والأجدر، مهما بالغ القوم في التشويه وفي التجريح وفي التشكيك بل وفي التهكم. أتحدث عن خطورة تنحية أو إغضاب أزهرنا الباق، أو أن يتعامل الوطن معه كالابن العاق!

كنت أستمع للشيخ الطيب في برنامج «حديث شيخ الأزهر» معلقاً على ما يثار حول قانون الأحوال الشخصية، عاتباً أو غاضباً، مؤكداً «أن الشريعة الإسلامية تعد المنبر الوحيد الذي يمكن أن تنطلق منه هذه الأحكام، وهنا مطلوب من العلماء أن يضعوا هذا المشروع، ولا مانع من مناقشته». قلت قمة التسامح ورجاحة العقل، لكنني في الصباح رأيت العزف الكريه يعود ورأيت الحملة على الأزهر تزداد!.

قال الشيخ الطيب إن المطالبة بعدم تدخل الأزهر في هذا الشأن -شأن الأحوال الشخصية- «عبث»، وقلت كما لو كان يسمعني: هذه مهمتك.. مهما كانت الريح.. أبداً لن تريح، فتحمل وتحمل لأنك علمتنا أنه لن يشفى جرح جريح بغير قيوح!، تقدَّم أيها الشيخ الطيب ولا تتوقف.. في الحق لا تترفق.. وفي الصمت لا تغدق!

لن أتطرق في هذا المقال أو المقام لأنني أخاطب الإمام الأكبر، للنقاط الست، أو للوعة الدكتور المذعور أو لفتوى هاتيك الست! لن أتجرأ بالفتوى أو حتى بالتعليق، لكني سأظل أرفض ما حييت أي نعيق أو نقيق صادر من وعن رؤوس فارغة، وجماجم لا تعي ولا تفهم، وألسنة تدعو للنبش في أي عظم.. لن أقرأ بل لن أحترم أقلاماً تمضي كالعلقم.. ما أروع مصر حين يسكت هؤلاء القوم إذا الشيخ تكلم!

لن أتناول ضحالة رأيهم في المسئول عن نفقة الأبناء، أو مكان رؤية الصغير، فأنا في رحاب شيخنا الكبير.. لن أتطرق لما يتعلق بعمر اصطحاب الطفل مع غير الحاضن في السفر.. أنا في رحاب الصرح الأكبر، أبداً لن أتطرق.. ولأنني كذلك، ولأننا جميعاً كذلك أقول: إلَّاك .. إلا أنت يا أزهر الحكمة والحق الأنور.

لن أتحدث عن مساعيهم في نقل الاختصاص عند تحديد نفقة الأبناء على الأب، أتحدث عن الاختصاص نفسه.. عن علماء الأزهر أهل العلم وخاصته! لن أتحدث عن حجتهم فيما يمنع الأب من الكسب والإنفاق.. أتحدث عن الأنفاق التي يريدون لمصر أن تدخل فيها.. لن أتحدث عن المنظومة العقابية الواردة في البندين الرابع والسابع، أتحدث عن العقوبة التي يريدون فرضها على بلد يصر على التمسك بدينه وهويته!.

لن أتحدث عن إعطاء المرأة الحق في ادعاء تطليق زوجها لها، وإثبات ذلك بإحضار شاهدين وإعلام المحكمة الزوج بعنوانه، فإن لم يحضر خلال أسبوعين حكم القاضي بطلاقها، أتحدث عن عنوان كبير يضمنا جميعا.. اسمه مصر.. وعن شهادة بل شهادات عالمية حازها صرح اسمه الأزهر! أتحدث عن خطورة الطلاق مع هذه المؤسسة العملاقة، ومع الفقه النبوي السليم، بدعوى التطوير!.

أتحدث عن خطورة تنحية الأزهر، وأقول له: لا تقلق! سبحان من رفع وسيرفع هامتك.. الدنيا كلها تعرفك.. تتحدث عنك.. عن فقهك الوسطي وعن تسامحك.. عن حكمتك وعلمك.. التاريخ يشهد لك.. بأن مستعمراً واحداً لم يكسرك.. فلا تنحنِ ولا تطأطئ رأسك، وقل قولتك!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store