Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد البلادي

لماذا نحارب الشهادات الوهمية؟!

A A
• يعتقد البعض أن المعارك التي نخوضها في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي ضد فيالق الوهميين من بائعي وملاك وميسري الشهادات الكرتونية والمزيفة، إنما تعود لأسبابٍ شخصية، أو من باب الترف الإعلامي، أو أنها نابعة من باب الحسد، جاهلين أو متجاهلين الخطورة الكبيرة التي تُشكِّلها تلك (الكرتونيات) على أمنِ واقتصاد وتنمية وتطور المجتمعات، وعلى ثروتها الأكبر من القوة البشرية والشبابية تحديدًا.

• لا أظن أن ثمة دولة في العالم قد سلمت من أخطار وأضرار هذا الزيف العلمي، لكن انتشاره المفزع في البلاد العربية يجعلنا من أكثر (بلاد الله) تضررًا.. فرواج أسواق الشهادات المزيفة ربما كان من أهم أسباب جمود وتخشُّب التنمية في معظم البلاد العربية، خصوصًا عندما يضرب تخصصات حسَّاسة تتعلق بالصحة أو التعليم أو القانون أو الهندسة.

• أضرار وسلبيات الشهادات الوهمية أكثر وأكبر من أن تُحصَى وتُحصَر، منها خطورتها الشديدة على التقدم والإنتاجية الوطنية، ففاقد الشيء لا يمكن أن يُعطيه، ووصول هؤلاء المزيفين إلى مراكز حسَّاسة يعني تعطُّل هذه المراكز والمناصب المهمة، وضعف عطائها، فأغلبهم يختبئون خلف أعمال هامشية؛ لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر؛ خوفًا من عدم انكشاف جهلهم، مستمتعين فقط بالوجاهة الاجتماعية ومزايا المنصب، حتى وإن جاء ذلك على حساب الوطن وموارده البشرية، وكفاءاته الوطنية المؤثرة والفاعلة المهيأة لقيادة مراكب نهضته وتقدُّمه، أضف إلى ذلك الخطورة التي يُشكِّلها أصحاب الشهادات على الجوانب العلمية والتعليمية، فلا يمكن لشخصٍ حصل على شهادته بطريقةٍ غير أمينة، أن يكون أمينًا على تعليم النشء وتربيتهم، ولا على البحث والإبداع العلمي.. فضلًا عن إضراره وإحباطه المُؤكَّد لطوابير الخريجين الجامعيين الذين أمضوا سنوات في الدراسة؛ طمعًا في خدمة أوطانهم، فوجدوا المزيفين قد سبقوهم إليها؛ بعد أن اشتروا «العلم المُزوَّر» بالمال!.

• قضية الشهادات الوهمية ليست قضية سهلة كما يعتقد البعض، بل هي قضية أمن وطني في المقام الأول، فتزييف الشهادات وتسلُّق المناصب هو فت في عضد الدولة، وإضعاف للقوى الوطنية المنتجة؛ ما يُهدِّد سلامة جبهة الأمن الوطني، ويقتل طموح الكفاءات الحقيقية الراغبة في خدمته. قد تختلف هذه الشهادات في مصادرها وطريقة الحصول عليها، لكنها تجتمع في خطورتها وضررها، فالنتيجة في النهاية وضع الشخص غير المناسب في المكان الذي لا يستحقه.. الأمر الذي يعني وجود شخص متطفِّل على حركة التنمية، من خلال كرتون لا يُساوي الحبر الذي كُتب عليه.

• التساهل مع أصحاب الشهادات المزورة لا يختلف كثيرًا عن التساهل مع مروِّجي العملة المزيَّفة، فكلاهما يصنع تضخُّمًا مُزيَّفًا، يهدم المجتمع من الداخل، ويُقوّض تنميته!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store