Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

بيت «عرفات» وبنات «الحسيني».. يفتح ملف بيع عقارات القدس

إضاءة

A A
قالت "الشرق الأوسط": إن محكمة الاحتلال المركزية في القدس، حجزت مؤقتًا على عقار يعود للرئيس الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات".. ووفقًا لما جاء في الخبر، فقد جاء القرار بعد دعوى رفعها إسرائيليون ضد السلطة الوطنية، وضد ميراث عرفات، باعتبار الأخير مسؤولا عن عمليات ضد إسرائيل!

دعك من القضية المضحكة، فهذا ليس وقت الضحك في زمن الحزن، ولا وقت للحزن في زمن الضحك! القضية الآن ليست الحجز على بيت أو عقار عرفات في القدس، وإنما احتلال أرض القدس كلها بما عليها من بيوتٍ ومساجد وكنائس!

لقد فُتِحَت القضية، وستَفتَح يقينًا كل المستور من خفايا وفضائح التنازل عن الأرض على يد سماسرة يتصورون الآن، أن الساحة مهيَّأة لبيع الأرض، بل والعرض، باعتبار أن الأمة كلها باتت فجأة في عرض إسرائيل!

ومن المستور الذي لم يعد مستورًا، أن القدس تشهد عمليات بيع وشراء في الأراضي والبيوت، خاصةً في حي وادي حلوة الواقع في سلوان جنوب المسجد الأقصى.

من ذلك أيضًا ما تدّعيه سلطات الاحتلال عن ملكية أحد الإسرائيليين لفندق "شيبرد"، الذي تعود ملكيته المُسجَّلة لمفتي القدس السابق الحاج "أمين الحسيني"!

قرأت أخيرًا تصريحًا مدهشًا لـ"منى الحسيني"، حفيدة المفتي التي تتابع ملف الفندق منذ سنوات من مكان إقامتها في لندن، تقول فيه: إن الأجيال كلها تعرف أن المنزل الذي تحوَّل إلى فندق، مملوك لجدّي الحاج "أمين"، والذي توفي في منفاه في لبنان عام 1974م، بعد نفيه خارج فلسطين من قبل سلطات الانتداب عام 1937.

وتمضي "منى الحسيني" قائلة: لقد حافظ جدِّي على العقار، وكلف وكلاء قانونيين بمتابعة العقار، واستلام بدل الإيجار من المستأجرين، عندما تم تحويله إلى فندق في أوائل الستينيات، لكن ما يُسمَّى بحارس أملاك الغائبين؛ سعى إلى تغيير المعادلة في أوائل السبعينيات؛ بالطلب من المستأجر بدفع بدل الإيجار إليه، بدلًا من وكلاء المفتي وورثته.

ومع صمت الجميع، أحال المستأجر حقوق الإجارة لطرفٍ ثالث، مخالفًا لنصوص العقد قبل أن يقوم بصورة غامضة بإحالة حقوق الملكية إلى الطرف الثالث بدون علم أو موافقة أو إقرار من قِبَل وكلاء المفتي، وورثته.

كان الطرف الثالث بطبيعة الحال هو رجل الأعمال اليهودي "ارفين مسكوفيتش" المُتخصِّص في الاستيلاء على العقار الفلسطيني في القدس لصالح الاستيطان.

بعدها مباشرة، كما تروي "منى الحسيني"، برز مشروع بناء وحدة استيطانية في مكان منزل المفتي "الحسيني"، ليس فقط لتدمير إرث ثابت ومهم من تاريخ القضية الفلسطينية، وإنما تقطيع أواصل الأحياء العربية في القدس، وفصل وادي الجوز والشيخ جراح عن بعضهم البعض، لخلق جزر استيطانية داخل القدس الشرقية، وإعاقة إعادة الأرض إلى الدولة الفلسطينية، من خلال تقليص مساحة العاصمة الفلسطينية.

لن أستطرد كثيرًا في التعليق على حديث "مني الحسيني"، وقصة أخواتها الخمسة المتواجدات الآن في أقطار عربية، كما لن أتحدَّث عن حقوق أو ميراث أحفاد المفتي الراحل "أمين الحسيني"، ولا عن الحجز على بيت "عرفات"، لكنِّي أتحدَّث وبيقين عن حتمية عودة أرض فلسطين!

لن أخوض في وقائع السمسرة، ولا في أسماء البائعين، ولا في إغداق المستوطنين، ولا في العبث بالوثائق وتغيير الفواتير، لكني أتحدَّث عن وثيقة ثابتة، وفاتورة دم واحدة وموحدة، كتبها الشهداء، ويكتبها كل يوم وجمعة مشروعات الشهداء!

تذكَّرت حواري القديم مع المفتي الشيخ "عكرمة صبري"؛ عندما سألته عن الرأي الشرعي فيمن يبيع بيته لأحد المستوطنين، فأعادني للفتوى الصادرة في عام 1935، والتي تُجرِّم وتُحرِّم تسريب وبيع العقارات والأراضي للمستوطنين. ومُردِّدًا: "خائن وعميل مَن يبيع عقاراتنا وأراضينا لليهود.. وتُحرَّم الصلاة عليه في مساجدنا، ويُمنع دفنه في مقابر المسلمين".

البلدة القديمة في مدينة القدس، وأكنافها المعروفة، إنما هي كلها وقفيات بمقدساتها وبجميع مبانيها وعقاراتها.

بيعوا واشتروا واعبثوا كما يحلو لكم، تنازلوا وأسقطوا واستعينوا بطرفٍ ثالث أو رابع أو خامس.. لن تهنأوا باحتلال أرض فلسطين، ولا بالنوم في بيوت فلسطين، ليس في البلدة القديمة فقط، وإنما في جميع البلدات والمدن الفلسطينية!

اهدموا البيوت، وهاتوا ما شئتم من شهود الزور، ستظل القدس تشير وتصرخ في وجه كل عميل أو سمسار مأجور! سيظل الأقصى ينشد ويُردِّد: إن أقبلوا للهدم فلا مجال للمساومة.. النصر للمقاومة.. إذا الغدر زاد.. إذا المكر جاء.. فالحق ميم.. وواو.. وتاء!

تستعينون بعواصم إفريقية مجاورة، فتظهر لكم في الطريق عواصم آسيوية، تُروِّجون لبضاعتكم في عواصم آسيوية، فتصرخ في وجوهكم عواصم لاتينية، تهدموا البيوت، فتظهر لكم وأمامكم أزياء فلسطينية!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store