Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
شريـف قـنديـل

مصاهرة الشيخ الغزالي وإحسان عبد القدوس.. إنها مصر!

A A
إنها إرادة الله، وسماحة مصر.. يحتفي الناس بالأديب إحسان عبد القدوس، فيسطع اسم الشيخ محمد الغزالي، ويتذكر الناس الغزالي، فيبرز اسم إحسان.. وكم فيك يا مصر من إشراقات ومن فيوضات ومن بشارات! إنها ليست مجرد روابط النسب، ولا مجرد ما يشترك فيه أحفاد القطبين الكبيرين من لقب.. إنها عبقرية مصر!

إنه التزاوج بين فكر وفكر في نهر العلم والثقافة، وليس مجرد الزواج الذي حدث بين ابن إحسان عبد القدوس، وابنة الشيخ محمد الغزالي، ثم إنه الانصهار الجميل، وليس مجرد المصاهرة بين شيخين كبيرين كل في مجاله، وكل له عشاقه وأحبابه وتلاميذه وحواريوه!

كان الشيخ الغزالي، يتكئ على كاتب هذه السطور، متجهاً نحو المصعد في فندق سميراميس بالقاهرة، بعد تسلمه لجائزة الصحافة العربية لأفضل مقال، وتسلمي الجائزة عن أفضل حوار، حين استقر المصعد في البهو الفاره! في نفس اللحظة دخلت المصعد «فنانة شهيرة» متوجهة نحو مكان الاحتفال، وحين أصابني الارتباك، قال الشيخ وهو يهش في وجهي الذي اكفهر خجلاً: كفاية كده يا شريف يا بني! اصعد لتكمل الاحتفال!

قلت للشيخ محمد الغزالي: عفواً شيخنا الكبير.. دقيقة واحدة في صحبتك، أهم وأفضل عندي من كل الحفلات بل ومن كل الجوائز!. سألني عن موعد مغادرتي للقاهرة وهو يودعني، ولم أكن أدري أنه الوداع الأخير حيث سافر الشيخ بعدها الى الرياض، ليتوفاه الله هناك، ويصدر التوجيه الملكي بنقل الجثمان الطاهر على متن طائرة خاصة للدفن في البقيع!.

تذكرت هذا المشهد المثير، والموقف المهيب، وأنا أتابع احتفال مصر بذكرى أديبها الكبير إحسان عبد القدوس صهر العلامة الراحل محمد الغزالي! كان فاروق جويدة يكتب شاهداً عن اللوحة التي تعكس صورة الحضارة والإبداع والتدين في آن واحد.. عن الشيخ الغزالى «الذى سماه والده تيمناً بالإمام أبى حامد الغزالى رحمة الله عليه ليصبح من رموز الفكر الإسلامى اجتهاداً وتأثيراً وبريقاً» وعن إحسان عبد القدوس «بكل ما حمله من الجرأة والشجاعة فى مواجهة قضايا المجتمع»!.

هل هناك أجمل من ذلك؟! نختلف لكننا نتحاور، نتفاوت في الرأي لكننا نتجاور، يتضاعف الخلاف بيننا، لكننا نتزاور، تتصادم أفكارنا لكننا نتصاهر! ما ذنب أجيالنا القادمة فيما خرج أو نتج عن خلافنا وتفاوتنا وتصادمنا؟!

تخيل معي كيف جمع الاحترام بين صاحب الراقصة والسياسي، وسقطت في بحر العسل، وأنف وثلاث عيون، وبين صاحب: عقيدة المسلم، وفقه السيرة، وهموم داعية؟! كيف جمع الإبداع بين مؤلف :أرجوك أعطني هذا الدواء» وبين مؤلف «الحق المر»! بين صاحب «الوسادة الخالية» وبين صاحب «قذائف الحق»؟!

وكان ما كان وصاهر الشيخ الغزالي إحسان عبد القدوس، وبلغ من حب إحسان لزوجة ابنه، أن راح ينتقي لها ما غلا ثمنه من ملابس أنيقة تليق بمسلمة محجبة، بل إنه آثر أن يغدق عليها من ماله بعد أن علم حجم ما تنفقه على الفقراء والمحتاجين!، كان إحسان عبد القدوس أديباً رقيقاً، ومدافعاً صلباً إذا تعلق الأمر بفساد مالي أو سياسي، وكان الشيخ الغزالي بكاءً خجولاً، ومنافحاً قوياً عن حياض الدين.

قريب من ذلك، وفيما كنت أجلس مع أستاذي الراحل عبد اللطيف فايد في بيت العلامة المحقق والأديب العملاق محمود شاكر»أبي فهر» في انتظار مجيئه، دخل القطب اليساري الكبير عبد الرحمن شاكر، ووجدتني ببراءة شديدة أسأل أستاذي: ما الذي جاء بهذا الرجل الى هنا؟!، انفجر الرجل ضاحكاً وهو يحيلني للأستاذ عبد الرحمن: لماذا أنت هنا؟! كان قطب اليسار هو ابن عم حارس اللغة والدين، وكنت أزهو بمعرفة الاثنين.. وكنت ومازلت أزهو بسماحة وعبقرية مصر!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store