Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

(6 مليارات) البحث والتطوير.. بين وزيرٍ وآخر

A A
ذكر معالي وزير التعليم الجديد الدكتور حمد آل الشيخ في معرض حديثه في لقاء قيادات التعليم العالي ما نصه: أن هناك 6 مليارات ريال مرصودة من الدولة للبحث والتطوير، لم يُصرف منها على البحث العلمي -إلى الآن- إلا مائة مليون ريال، وما عرفتُ أحداً من أكاديميين وغير أكاديميين سمع بقصة الـ6 مليارات هذه التي لم تُصرف إلا ونط (قفز) في عقلهِ أمران هامان وواضحان، أولهما أن حكومة خادم الحرمين الملك سلمان -حفظه الله- مهتمة جداً بالبحث والتطوير، وأعطته حقه من العناية المالية، وهذا أمرٌ مفرح ورائع، إلا أن الأمر الثاني مُحزن، ألا وهو: لماذا لم يُصرف من هذا المبلغ على البحث العلمي إلا جزء زهيد؛ في الوقت الذي يتلظَّى فيه الباحثون في الجامعات من شدّة الحاجة لدعم أبحاثهم، ومشاريعهم البحثية؟!.

نحن نُحسن الظن بمَن كان وزيراً، كما أننا نُحسن الظن بمن جاء وزيراً، بأن حجم العمل في التعليم العام كبير جداً، مما لم يُمكِّن أحداً في الوزارة من التفكير في صرف المبلغ على المشاريع البحثية والباحثين في الجامعات. والدرجة الثانية من إحسان الظن أن الاهتمام بالبحث والتطوير لم يحظَ بالأولوية لدى الوزارة سابقاً، لأن التعليم أولاً. أما الدرجة الثالثة من حُسن الظن، فإن الوزارة ليس لديها بطبيعة عملها كوادر تُمكِّنها من القيام بمهمة استقبال البحوث والمشاريع البحثية، وتقييمها ودراستها ومتابعة سيرها، حتى الانتهاء منها. كل ذلك وغيره يجعلنا في خانة ممَّن يُحسن الظن، لكن وضع الباحثين في الجامعات اليوم بحاجةٍ ماسة للدعم، وهذا ما جعلني في مقالتي قبل أسبوعين أُنادي بوجود وزارة للبحث العلمي والتعليم العالي، سيّما أن مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية تعاني من عدم الصرف على البحوث والباحثين منذ فترة. فالشكر ورفع القبّعة عالياً لمعالي وزير التعليم الجديد، الذي أشار إلى هذا الدعم المُوجَّه من الدولة، وهو دعم سخي، لكن للأسف الذي صُرِف على البحث من هذا الدعم حتى كتابة هذه السطور، هو المائة مليون ريال، المشار إليها في حديث الوزير.

إن التقدم العلمي والبحث والتطوير لا يرحم، لأن تطبيقاته في العالم أسرع من الريح، وهذا له دوره السلبي على عجلة التقدم والتطور في بلادنا، كما أن تحديد موضوعات معينة -كما أعلنت الوزارة- يُعدُّ خللاً في البحث والتطوير، وعملاً غير شامل يُعيق التنوع، كما أنه يجب منح الجامعات حقها الطبيعي في الصرف، آخذين في الاعتبار حجم الجامعات وعدد الباحثين وجدية البحث والتركيز على الجُدد من الباحثين القادمين من الابتعاث، واضعين أمام أعيننا سعودة المشاركة البحثية التي تبني، ويهمها نقل التقنية البحثية، وليس فقط البحث عن الترقية، لأنني أُدرك -ويُدرك من يهمه شأن الوطن- أنَّنا بأمس الحاجة لتأسيس مدارس بحثية، وليس باحثين أنانيين قد أُصيبوا بالتخمة المالية على حساب مصلحة عامة، ولاحتواء أبناء وبنات الوطن الحاصلين على الماجستير والدكتوراه والمتميزين القادمين من جامعات عالمية وفِي تخصصات مطلوبة، وليست تخصصات متكررة وغير نافعة. فيجب أن تتوسَّع الوزارة في منح الجامعات وظائف ما بعد الدكتوراه، postdoctor لحاملي الدكتوراه، ومساعدي باحثين لحاملي الماجستير، يكون همّهم التفرغ للبحث العلمي، والله يُوفِّق كل مَن ينشد تقدُّم الوطن في أبحاثه وتطوُّره.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store